الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( قال ) رجل ( لآخر اسلك هذا الطريق فإنه أمن فسلك وأخذ ماله لم يضمن ، ولو قال إن كان مخوفا وأخذ مالك فأنا ضامن ) والمسألة بحالها ( ضمن ) هذا وارد على ما قدمه بقوله ولا تصح بجهالة المكفول عنه كما في الشرنبلالية ، والأصل أن المغرور إنما يرجع على الغار إذا حصل الغرور [ ص: 333 ] في ضمن المعاوضة ، أو ضمن الغار صفة السلامة للمغرور نصا درر ، وتمامه في الأشباه ومر في المرابحة .

[ فروع ] ضمان الغرور في الحقيقة هو ضمان الكفالة .

التالي السابق


( قوله : فإنه أمن ) بقصر الهمزة على تقدير مضاف : أي ذو أمن أو بمدها على صورة اسم الفاعل بمعنى المفعول كساحل بمعنى مسحول أو بمعنى : آمن سالكه مثل نهاره صائم ، وعلى الوجهين عيشة راضية .

( قوله : لم يضمن ) مثله كل هذا الطعام فإنه ليس بمسموم فأكله فمات لا ضمان عليه ، وكذا لو أخبره رجل أنها حرة فتزوجها ثم ظهرت مملوكة فلا رجوع بقيمة الولد على المخبر أشباه ط .

( قوله : والمسألة بحالها ) أي فسلكه وأخذ ماله ط .

( قوله : ضمن ) أما لو قال له إن أكل ابنك سبع أو أتلف مالك سبع فأنا ضامن لا يصح هندية ، لما تقدم من أن السبع لا يكفل وإن فعله جبار ط .

( قوله : هذا وارد إلخ ) أقول : صحة الضمان لا من حيث صحة الكفالة حتى يرد ما ذكر بل من حيث إنه غره ; لأن الغرور يوجب الرجوع إذا كان بالشرط أبو السعود ط ولذا أعقبه الشارح بذكر الأصل لكن يأتي أن ضمان الغرر في الحقيقة هو ضمان الكفالة .

ثم اعلم أن المصنف تابع في ذكر هذه المسألة صاحب الدرر عن العمادية ، وعزاها البيري إلى الذخيرة بزيادة أن المكفول عنه مجهول ومع هذا جوزوا الضمان ا هـ لكن قال في الثالث والثلاثين من جامع الفصولين برمز المحيط : ما ذكر من الجواب مخالف لقول القدوري من قال لغيره من غصبك من الناس أو من بايعت من الناس فأنا ضامن لذلك فهو باطل ا هـ .

وأجاب في نور العين بأن عدم الضمان في مسألة القدوري لعدم التغرير فظهر الفرق .

قلت : لكن في البزازية وذكر القاضي بايع فلانا على أن ما أصابك من خسران فعلي ، أو قال لرجل إن هلك عينك هذا فأنا ضامن لم يصح ا هـ ، إلا أن يجاب بأن قوله بايع فلانا لا تغرير فيه لعدم العلم بحصول الخسران في المبايعة معه ; ولأن الخسران يحصل بسبب جهل المأمور بأمر البيع والشراء ، بخلاف قوله اسلك هذا الطريق والحال أنه مخوف فإن الطريق المخوف يؤخذ فيه المال غالبا ولا صنع فيه للمأمور ، فقد تحقق فيه التغرير فإذا ضمنه الآمر نصا رجع عليه ، ولعلهم أجازوا الضمان فيه مع جهل المكفول عنه زجرا عن هذا الفعل كما في تضمين الساعي ، والله [ ص: 333 ] سبحانه أعلم .

( قوله : في ضمن المعاوضة ) فيرجع على البائع بقيمة الوالد إذا استحقت بعد الاستيلاد ، وبقيمة البناء بعد أن يسلم البناء إليه ، واحترز عما إذا كان في ضمن عقد التبرع كالهبة والصدقة .

( قوله : أو ضمن للغار صفة السلامة للمغرور نصا ) أي كمسألة المتن الثانية فإنه نص فيها على الضمان بخلاف الأولى ، وتمام عبارة الدرر : حتى لو قال الطحان لصاحب الحنطة اجعل الحنطة في الدلو فذهب من ثقبه ما كان فيه إلى الماء والطحان كان عالما بهيضمن ; لأنه صار غارا في ضمن العقد ، بخلاف المسألة الأولى ; لأنه ثمة ما ضمن السلامة بحكم العقد وهنا العقد يقتضي السلامة ، كذا في العمادية ا هـ وأراد بالأولى قوله اسلك هذا الطريق فإنه أمن ، ويظهر من التعليل أن قوله حتى لو قال إلخ تفريع على الأصل الأول ، وقوله : إن كان عالما به أي بثقب الولد يشكل عليه مسألة الاستحقاق .

( قوله : وتمامه في الأشباه ) ذكرناه في آخر باب المرابحة وتكلمنا عليه هناك فراجعه .

( قوله : هو ضمان الكفالة ) أما في الأصل الثاني فهو ظاهر ; لأن شرطه أن يذكر الضمان نصا ، وأما في الأول فلأن عقد المعاوضة يقتضي السلامة فكأنه بسبب أخذ العوض ضمن له سلامة المعوض




الخدمات العلمية