الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
باب إقرار المريض

يعني مرض الموت وحده مر في طلاق المريض وسيجيء في الوصايا ( إقراره بدين لأجنبي نافذ من كل ماله ) بأثر عمر ولو بعين فكذلك إلا إذا علم تملكه لها في مرضه فيتقيد بالثلث ذكره المصنف - [ ص: 611 ] في معينه فليحفظ ( وأخر الإرث عنه ، ودين الصحة ) مطلقا ( وما لزمه في مرضه بسبب معروف ) ببينة أو بمعاينة قاض ( قدم على ما أقر به في مرض موته ، ولو ) المقر به ( وديعة ) وعند الشافعي الكل سواء ( والسبب المعروف ) ما ليس بتبرع ( كنكاح مشاهد ) إن بمهر المثل أما الزيادة فباطلة ، وإن جاز النكاح عناية ( وبيع مشاهد وإتلاف كذلك ) أي مشاهد

التالي السابق


باب إقرار المريض ( قوله وحده ) مبتدأ وقوله مر إلخ خبر في الهندية المريض مرض الموت من لا يخرج لحوائجه خارج البيت ، وهو الأصح ا هـ وفي الإسماعيلية من به بعض مرض يشتكي منه وفي كثير من الأوقات يخرج إلى السوق ويقضي مصالحه لا يكون مريضا مرض الموت ، وتعتبر تبرعاته من كل ماله ، وإذا باع لوارثه أو وهبه لا يتوقف على إجازة باقي الورثة ( قوله نافذ ) لكن يحلف الغريم كما مر قبيل باب التحكيم ، ومثله قضاء الأشباه . قال في الأصل : إذا أقر الرجل في مرضه بدين لغير وارث فإنه يجوز ، وإن أحاط ذلك بماله ، وإن أقر لوارث فهو باطل إلا أن يصدقه الورثة ا هـ . وهكذا في عامة الكتب المعتبرة من مختصرات الجامع الكبير وغيرها . لكن في الفصول العمادية أن إقرار المريض للوارث لا يجوز حكاية ، ولا ابتداء ، وإقراره للأجنبي يجوز حكاية من جميع المال وابتداء من ثلث المال ا هـ .

قلت : وهو مخالف لما أطلقه المشايخ فيحتاج إلى التوفيق ، وينبغي أن يوفق بينهما بأن يقال : المراد بالابتداء ما يكون صورته صورة إقرار ، وهو في الحقيقة ابتداء تمليك بأن يعلم بوجه من الوجوه أن ذلك الذي أقر به ملك له ، وإنما قصد إخراجه في صورة الإقرار حتى لا يكون في ذلك منع ظاهر على المقر كما يقع أن الإنسان يريد أن يتصدق على فقير فيقرضه بين الناس ، وإذا خلا به وهبه منه أو لئلا يحسد على ذلك من الورثة فيحصل منهم إيذاء في الجملة بوجه ما ، وأما الحكاية فهي على حقيقة الإقرار ، وبهذا الفرق أجاب بعض علماء عهدنا المحققين ، وهو العلامة علي المقدسي في حاشية الفصولين للرملي .

أقول : ومما يشهد لصحة ما ذكرنا من الفرق ما صرح به صاحب القنية : أقر الصحيح بعبد في يد أبيه لفلان ثم مات الأب ، والابن مريض ، فإنه يعتبر خروج العبد من ثلث المال لأن إقراره متردد بين أن يموت الابن أولا فيبطل ، وبين أن يموت الأب أولا فيصح فصار كالإقرار المبتدإ في المرض قال أستاذنا : فهذا كالتنصيص على أن المريض إذا أقر بعين في يده للأجنبي ، فإنما يصح إقراره من جميع المال إذا لم يكن تمليكه إياه في حال مرضه معلوما حتى أمكن جعل تمليكه إظهارا فأما إذا علم تملكه في حال مرضه فإقراره به لا يصح إلا من ثلث المال قال رحمه الله : وإنه حسن من حيث المعنى ا هـ .

قلت : وإنما قيد حسنه بكونه من حيث المعنى ، لأنه من حيث الرواية مخالف لما أطلقوه في مختصرات الجامع الكبير فكان إقرار المريض لغير وارثه صحيحا مطلقا ، وإن أحاط بماله ، والله - سبحانه - أعلم معين المفتي ونقله شيخ مشايخنا منلا علي ثم قال بعد كلام طويل : فالذي تحرر لنا من المتون والشروح أن إقرار المريض لأجنبي صحيح ، وإن أحاط بجميع ماله وشمل الدين والعين ، والمتون لا تمشي غالبا إلا على ظاهر الرواية وفي البحر من باب قضاء [ ص: 611 ] الفوائد متى اختلف الترجيح رجح إطلاق المتون ا هـ . وقد علمت أن التفصيل مخالف لما أطلقه وإن حسنه من حيث المعنى لا الرواية ا هـ وقد علمت أن ما نقله الشارح عن المصنف لم يرتضه المصنف إلا إذا علم تملكه لها أي بقاء ملكه لها في زمن مرضه ( قوله في معينه ) وهو معين المفتي للمصنف : ( قوله ودين الصحة ) مبتدأ خبره جملة قدم ( قوله فباطلة ) أي إن لم تجزها الورثة لكونها وصية لزوجته الوارثة




الخدمات العلمية