الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وفي الوهبانية يحبس الولي بدين الصغير حتى يوفيه أو يظهر فقر الصغير

قلت : لكن قدم شارحها عن قاضي خان أن الحر والعبد والبالغ والصبى في الحبس سواء فيتأمل نفيه هنا قاله الشرنبلالي ، قال : وليس للقاضي البيع مع وجود أب أو وصي وهي فائدة حسنة .

قلت : وفي القنية ومتى باعا فللقاضي نقضه لو أصلح كما نظمه الشارح فضممته للمتن مغيرا لبعضه فقلت : وينقض بيع من أب أو وصيه ولو مصلحا والأصلح النقض يسطر      [ ص: 427 ] ويحبس في دين على الطفل والد
وصي وللتأديب بعض يصور     وفي الدين لم يحبس أب ومكاتب
وعبد لمولاه كعكس ومعسر .

نعم لو كان العبد مديونا يحبس المولى بدينه ; لأنه للغرماء ، وكذا يحبس بدين مكاتبه إلا فيما كان من حبس الكتابة ففي عتاق الوهبانية :     وفي غير جنس الحق يحبس سيدا
مكاتبه والعبد فيها مخير     وفي حجرها يحبس ذو الكتب الصحاح المحرر
على الدين إذ بالكتب ما هو معسر .

التالي السابق


مطلب في حبس الصبي

. ( قوله : يحبس الولي إلخ ) في البحر لا يحبس صبي على دين الاستهلاك ولو له مال من عروض وعقار إذا لم يكن له أب أو وصي ، والرأي فيه للقاضي ، فيأذن في بيع بعض ماله للإيفاء ، ولو له أب أو وصي يحبس إن امتنع من قضاء دينه من ماله أي مال الصبي ، ولا يحبس الصبي إلا بطريق التأديب ; لئلا يتجاسر إلى مثله إذا باشر شيئا من أسباب التعدي قصدا فلو خطأ فلا كذا في كفالة المبسوط وفي المحيط للقاضي حبس الصبي التاجر تأديبا لا عقوبة ; لئلا يماطل حقوق العباد فإن الصبي يؤدب لينزجر عن الأفعال الذميمة ا هـ .

( قوله : فيتأمل نفيه هنا ) قد علمت من عبارتي المبسوط والمحيط أن نفيه على وجه العقوبة وإثباته على وجه التأديب وهو شامل أيضا للمأذون والمحجور فافهم .

( قوله : قال ) أي الشرنبلالي وقد عزاه في النهر للطرسوسي أخذا من قول المبسوط ولو له أب أو وصي إلخ .

( قوله : فللقاضي نقضه ) أي نقض بيع الأب والوصي لو النقض أصلح للصغير .

( قوله : كما نظمه الشارح ) أي شارح الوهبانية القاضي عبد البر بن الشحنة .

( قوله : ولو مصلحا ) إنما ذكره ; لأنهم صرحوا بأن شرط بيع الأب عقار الصغير بمثل القيمة كونه محمودا أو مستورا ، فلو كان مفسدا لا يجوز إلا بضعف القيمة .

( قوله : والأصلح النقض ) [ ص: 427 ] الواو للحال وقوله : يسطر بسكون السين جملة استئنافية .

( قوله : ويحبس إلخ ) أي يحبس الوالد والوصي في دين على الطفل لأجنبي إذا كان للطفل مال وامتنعا من أدائه كما علم مما مر .

( قوله : وصي ) على تقدير الواو العاطفة .

( قوله : وللتأديب إلخ ) أي وحبس الصبي للتأديب بعض المشايخ تصوروا .

( قوله : وفي الدين لم يحبس أب ) تقدمت هذه المسألة في قوله لا يحبس أصل وإن علا في دين فرعه بل يقضي القاضي دينه من عين ماله أو قيمته إلخ ، واحترز بالدين عن النفقة فإنه يحبس بها كما مر هناك .

( قوله : ومكاتب ) بفتح التاء أي لا يحبس المكاتب بدين الكتابة ، فإن كان دينا آخر يحبس به للمولى ومنهم من منعه ; لأنه يتمكن من إسقاطه بالتعجيز وصححه في المبسوط وعليه الفتوى بحر عن أنفع الوسائل .

( قوله : وعبد لمولاه ) أي لدين مولاه أطلقه الزيلعي فظاهره ولو كان مديونا بحر .

( قوله : كعكس ) أي عكس المكاتب والعبد فلا يحبس المولى بدين مكاتبه إن كان من جنس بدل الكتابة لوقوع المقاصة ، وإلا يحبس لتوقفها على الرضا ، ولا يحبس المولى بدين عبده المأذون غير المديون ، وإن مديونا يحبس لحق الغرماء بحر ، وذكره الشارح بعد . مطلب جملة من لا يحبس عشرة

. ( قوله : ومعسر ) أي من ظهر إعساره بعد حبسه المدة التي يراها القاضي فلا يحبس بعدها وبهذا بلغ عدد من لا يحبس سبعة أولها الصبي أو كلها في النظم قد عدها في البحر كذلك ، لكنه أسقط المعسر وذكر بدله العاقلة إن كان لهم عطاء فلا يحبسون في دية وأرش ، ويؤخذ من العطاء وإن لم يكن عطاء يحبسون ، ثم قال : ويزاد مسألتان لا يحبس المديون إذا علم القاضي أن له مالا غائبا أو محبوسا موسرا فصارت تسعا ا هـ .

قلت : وبالمعسر صارت عشرا .

( قوله : نعم إلخ ) تقييد لقوله كعكس .

( قوله : إلا فيما كان من جنس الكتابة ) الأولى أن يقول : إن لم يكن من جنس الكتابة فإنه تقييد أيضا لقوله كعكس كما علم من عبارة البحر المارة آنفا .

( قوله : سيدا ) مفعول مقدم على فاعله وهو مكاتبه .

( قوله : العبد فيها ) أي في الكتابة مخير ; لأنها عقد غير لازم في جانبه فله فسخها .

( قوله : المحرر ) اسم فاعل أي الذي حرر الكتب وصححها واحتاج إليها لاعتماده عليها .

( قوله : إذ بالكتب ما هو معسر ) إذ قضاء الدين مقدم على حاجته إليها وإن كان فقيرا في حق أخذ الصدقة وعدم وجوب الزكاة كما لو كان له قوت شهر فإنه يباع عليه وهو موسر ولا يباع عليه قوت يومه كما في القنية ، والله سبحانه أعلم




الخدمات العلمية