الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  1869 78 - حدثنا معاذ بن فضالة قال : حدثنا هشام ، عن يحيى ، عن أبي سلمة : أن عائشة رضي الله عنها حدثته قالت : لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يصوم شهرا أكثر من شعبان ، فإنه كان يصوم شعبان كله ، وكان يقول : خذوا من العمل ما تطيقون ، فإن الله لا يمل حتى تملوا ، وأحب الصلاة إلى النبي صلى الله عليه وسلم ما دووم عليه وإن قلت ، وكان إذا صلى صلاة داوم عليها.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة ظاهرة ، وهشام هو الدستوائي ، ويحيى هو ابن أبي كثير ، والحديث أخرجه مسلم ، والنسائي في الصوم أيضا ، عن إسحاق بن إبراهيم ، عن معاذ بن هشام ، عن أبيه به .

                                                                                                                                                                                  قوله ( كله ) قال في ( التوضيح ) : أي أكثره ، وقد جاء عنها مفسرا : كان يصوم شعبان أو عامة شعبان . وفي لفظ : كان يصومه كله إلا قليلا ، وقد مر الكلام فيه عن قريب .

                                                                                                                                                                                  قوله ( خذوا من العمل ما تطيقون ) أي : تطيقون الدوام عليه بلا ضرر أو اجتناب التعمق في جميع أنواع العبادات .

                                                                                                                                                                                  قوله ( فإن الله لا يمل ) قال النووي : الملل والسآمة بالمعنى المتعارف في حقنا ، وهو محال في حق الله تعالى ، فيجب تأويل الحديث ، فقال المحققون : معناه لا يعاملكم معاملة الملل ، فيقطع عنكم ثوابه وفضله ورحمته حتى تقطعوا أعمالكم ، وقيل : معناه لا يمل إذا مللتم ، وحتى بمعنى حين . وقال الهروي : لا يمل أبدا مللتم أم لا تملوا ، وقيل : سمي مللا على معنى الازدواج كقوله تعالى : فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه فكأنه قال : لا يقطع عنكم فضله حتى تملوا سؤاله ، وقال الكرماني : إطلاق الملل على الله تعالى إطلاق مجازي عن ترك الجزاء .

                                                                                                                                                                                  قوله ( ما دووم عليه ) بواوين ، وفي بعض النسخ بواو ، والصواب الأول ؛ لأنه مجهول ماض من المداومة من باب المفاعلة ، ويروى : ما ديم عليه ، وهو مجهول دام ، والأول مجهول داوم ، وقال النووي : الديمة المطر الدائم في سكون ، شبه عمله في دوامه مع الاقتصاد بديمة المطر ، وأصله الواو ، فانقلبت ياء لكسرة ما قبلها ، وقد مر هذا الكلام في هذه الألفاظ في كتاب الإيمان في باب: أحب الدين إلى الله تعالى أدومه .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية