الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  1989 47 - حدثنا خلاد بن يحيى قال: حدثنا عبد الواحد بن أيمن، عن أبيه، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن امرأة من الأنصار قالت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يا رسول الله، ألا أجعل لك شيئا تقعد عليه; فإن لي غلاما نجارا؟ قال: إن شئت، قال: فعملت له المنبر، فلما كان يوم الجمعة قعد النبي - صلى الله عليه وسلم - على المنبر الذي صنع، فصاحت النخلة التي كان يخطب عندها، حتى كادت أن تنشق، فنزل النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى أخذها فضمها إليه، فجعلت تئن أنين الصبي الذي يسكت، حتى استقرت، قال: بكت على ما كانت تسمع من الذكر.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة في قوله: "غلاما نجارا" وقد مضى هذا الحديث في كتاب الجمعة في باب الخطبة على المنبر; فإنه أخرجه هناك عن سعيد بن أبي مريم، عن محمد بن جعفر بن أبي كثير، عن يحيى بن سعيد، عن ابن أنس أنه سمع جابر بن عبد الله قال: كان جذع يقوم عليه النبي - صلى الله تعالى عليه وسلم - فلما وضع له المنبر، سمعنا الجزع مثل أصوات العشار، حتى نزل النبي - صلى الله عليه وسلم - فوضع يده عليه. وهاهنا أخرجه عن خلاد - بفتح الخاء [ ص: 213 ] المعجمة وتشديد اللام على وزن فعال - ابن يحيى بن صفوان أبي محمد السلمي الكوفي، وهو من أفراد البخاري، وعبد الواحد بن أيمن - على وزن أفعل، ضد الأيسر - المخزومي المكي، وأبوه أيمن الحبشي مولى ابن أبي عمرو المخزومي، وهو من أفراد البخاري.

                                                                                                                                                                                  قوله: "النخلة" أي الجذع.

                                                                                                                                                                                  قوله: "يسكت" بضم الياء على صيغة المجهول من التسكيت.

                                                                                                                                                                                  قوله: "قال: بكت على ما كانت" أي على فراق ما كانت تسمع من الذكر.

                                                                                                                                                                                  (فإن قلت): من فاعل قال؟

                                                                                                                                                                                  قلت: يحتمل أن يكون أحد الرواة للحديث، ولكن خرج وكيع في روايته، عن عبد الواحد بن أيمن بأنه النبي - صلى الله عليه وسلم - أخرجه ابن أبي شيبة وأحمد عنه.

                                                                                                                                                                                  وفيه فضيلة الذكر ومعجزة ظاهرة للنبي - صلى الله عليه وسلم -.

                                                                                                                                                                                  وفيه رد للقدرية; لأن الصياح ضرب من الكلام وهم لا يجوزون الكلام، إلا من ذي فم ولسان كأنهم لم يسمعوا قوله تعالى: وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا الآية.

                                                                                                                                                                                  وفيه أن الأشياء التي لا روح لها تعقل، إلا أنها لا تتكلم، حتى يؤذن لها.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية