الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  1848 56 - وقال ابن نمير : حدثنا الأعمش قال : حدثنا عمرو بن مرة قال : حدثنا ابن أبي ليلى قال : حدثنا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم نزل رمضان فشق عليهم فكان من أطعم كل يوم مسكينا ترك الصوم ممن يطيقه ، ورخص لهم في ذلك ، فنسختها وأن تصوموا خير لكم فأمروا بالصوم .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة في قوله : " فكان من أطعم " إلى قوله : " فنسختها " وابن نمير بضم النون اسمه عبد الله مر في [ ص: 53 ] باب ما ينهى من الكلام في الصلاة ، والأعمش هو سليمان عمرو بن مرة ، بضم الميم وتشديد الراء ، وابن أبي ليلى هو عبد الرحمن ، رأى كثيرا من الصحابة ، مثل عمر وعثمان وعلي وغيرهم ، وهذا تعليق وصله البيهقي من طريق أبي نعيم في المستخرج : " قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة ولا عهد لهم بالصيام ، فكانوا يصومون ثلاثة أيام من كل شهر ، حتى نزل رمضان ، فاستكثروا ذلك ، وشق عليهم ، فكان من أطعم مسكينا كل يوم ترك الصيام ممن يطيقه رخص لهم في ذلك ، ثم نسخه وأن تصوموا خير لكم فأمروا بالصيام " .

                                                                                                                                                                                  وهذا الحديث أخرجه أبو داود من طريق شعبة ، والمسعودي ، عن الأعمش مطولا في الأذان والقبلة والصيام . واختلف في إسناده اختلافا كثيرا ، وطريق ابن نمير هذا أرجحها .

                                                                                                                                                                                  قوله : " حدثنا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم " ، أشار به إلى أنه روي هذا الحديث عن جماعة من الصحابة ، ولا يقال لمثل هذا : رواية مجهول ؛ لأن الصحابة كلهم عدول . قوله : " فنسختها وأن تصوموا " ، الضمير في " نسختها " ، يرجع إلى الإطعام الذي يدل عليه " أطعم " ، والتأنيث باعتبار الفدية . وقوله وأن تصوموا خير لكم في محل الرفع على الفاعلية ، والتقدير : قوله وأن تصوموا وكلمة " أن " مصدرية تقديره : وصومكم خير لكم . وقال الكرماني : فإن قلت : كيف وجه نسخها لها والخيرية لا تقتضي الوجوب . قلت : معناه الصوم خير من التطوع بالفدية ، والتطوع بها سنة ، بدليل أنه خير ، والخير من السنة لا يكون إلا واجبا . انتهى .

                                                                                                                                                                                  قلت : إن كان المراد من السنة هي سنة النبي صلى الله عليه وسلم فسنة النبي كلها خير ، فيلزم أن تكون كل سنة واجبة ، وليس كذلك . وقال السدي : عن مرة ، عن عبد الله قال : لما نزلت هذه الآية وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين قال والله يقول : الذين يطيقونه أي يتجشمونه ، قال : عبد الله : فكان من شاء صام ومن شاء أفطر وأطعم مسكينا فمن تطوع قال أطعم مسكينا آخر فهو خير له وأن تصوموا خير لكم فكانوا كذلك حتى نسختها : فمن شهد منكم الشهر فليصمه




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية