الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  1994 52 - حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك، عن يحيى بن سعيد، عن ابن أفلح، عن أبي محمد مولى أبي قتادة، عن أبي قتادة رضي الله عنه قال: خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام حنين، فأعطاه - يعني درعا - فبعت الدرع، فابتعت به مخرفا في بني سلمة، فإنه لأول مال تأثلته في الإسلام.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للجزء الثاني من الترجمة، وهو قوله: "وغيرها" أي وغير الفتنة; فإن بيع أبي قتادة درعه كان في غير أيام الفتنة، وبهذا يرد على الإسماعيلي في قوله: هذا الحديث ليس في شيء من ترجمة الباب.

                                                                                                                                                                                  (ذكر رجاله): وهم ستة:

                                                                                                                                                                                  الأول: عبد الله بن مسلمة القعنبي.

                                                                                                                                                                                  الثاني: مالك بن أنس.

                                                                                                                                                                                  الثالث: يحيى بن سعيد الأنصاري.

                                                                                                                                                                                  الرابع: ابن أفلح، واسمه عمر بن كثير - ضد القليل - مولى أبي أيوب الأنصاري.

                                                                                                                                                                                  الخامس: أبو محمد، واسمه نافع بن عياش الأقرع، مولى أبي قتادة.

                                                                                                                                                                                  السادس: أبو قتادة، واسمه الحارث بن ربعي الأنصاري.

                                                                                                                                                                                  ولطائف إسناده أن رواته كلهم مدنيون.

                                                                                                                                                                                  وفيه ثلاثة من التابعين على نسق واحد، أولهم يحيى.

                                                                                                                                                                                  (ذكر تعدد موضعه ومن أخرجه غيره) أخرجه البخاري أيضا في الخمس، عن القعنبي، وفي المغازي عن عبد الله بن أبي يوسف، وفي الأحكام عن قتيبة، عن ليث به. وأخرجه مسلم في المغازي، عن قتيبة به، وعن يحيى بن يحيى، عن هشيم، وعن أبي الطاهر، عن ابن وهب. وأخرجه أبو داود في الجهاد، عن القعنبي به. وأخرجه الترمذي في السير عن إسحاق بن موسى الأنصاري. وعن ابن أبي عمر. وأخرجه ابن ماجه في الجهاد، عن محمد بن الصباح، عن سفيان ببعضه.

                                                                                                                                                                                  (ذكر معناه):

                                                                                                                                                                                  قوله: "خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام حنين" وكان عام حنين في السنة الثامنة من الهجرة، وحنين واد بينه وبين مكة ثلاثة أميال، وهذا الحديث وقع هنا مختصرا، وقال الخطابي: سقط من الحديث شيء لا يتم الكلام إلا به، وهو "أنه - يعني أبا قتادة - قتل رجلا من الكفار، فأعطاه النبي - صلى الله عليه وسلم - سلبه" وكان الدرع من سلبه. ورد عليه ابن التين بأنه تعسف في الرد على البخاري; لأنه إنما أراد جواز بيع الدرع، فذكر موضعه من الحديث، وحذف سائره، وهكذا يفعل كثيرا.

                                                                                                                                                                                  قوله: "فأعطاه" أي فأعطى النبي - صلى الله تعالى عليه وسلم - أبا قتادة، وكان مقتضى الحال أن يقول: "فأعطاني" ولكنه من باب الالتفات، وكان الدرع من سلب كافر قتله أبو قتادة، والذي شهد له [ ص: 220 ] بالقتل - الأسود بن خزاعي وعبيد الله بن أنيس، قاله المنذري.

                                                                                                                                                                                  قوله: "فابتعت به" أي اشتريت به، أي بثمن الدرع.

                                                                                                                                                                                  قوله: "مخرفا" بفتح الميم وسكون الخاء المعجمة وفتح الراء بعدها فاء، وهو البستان، وبكسر الميم: الوعاء الذي يجمع فيه الثمار. وقيل: الحائط من النخل، يخرف فيه الرطب، أي يجتنى. وقيل للنخلة: مخرف، وللطريق: مخرف، وفي (المحكم): المخرف القطعة الصغيرة من النخل، ست أو سبع، يشتريها الرجل للخرفة.

                                                                                                                                                                                  قوله: "في بني سلمة" بكسر اللام; بطن من الأنصار.

                                                                                                                                                                                  قوله: "فإنه" أي فإن المخرف "لأول مال" بفتح اللام للتأكيد.

                                                                                                                                                                                  قوله: "تأثلته" أي جمعته، وهو من باب التفعل، فيه معنى التكلف، مأخوذ من الأثلة، وهو الأصل، أي اتخذته أصلا للمال، ومادته همزة وثاء مثلثة ولام، يقال: مال مؤثل، ومجد مؤثل أي مجموع ذو أصل.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية