الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
6370 - كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته: فالإمام راع وهو مسئول عن رعيته، والرجل راع في أهله وهو مسئول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها وهي مسئولة عن رعيتها، والخادم راع في مال سيده وهو مسئول عن رعيته، والرجل راع في مال أبيه وهو مسئول عن رعيته، فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته - حم ق د ت) عن ابن عمر - صح).

التالي السابق


(كلكم راع) أي حافظ ملتزم بصلاح ما قام عليه، وهو ما تحت نظره من الرعاية، وهي الحفظ، يعني كلكم مستلزم بحفظ ما يطالب به من العدل إن كان واليا، ومن عدم الخيانة إن كان موليا عليه، (وكل) راع (مسئول عن رعيته) في الآخرة، فكل من كان تحت نظره شيء فهو مطلوب بالعدل فيه، والقيام بمصالحه في دينه ودنياه، ومتعلقات ذلك، فإن وفى ما عليه من الرعاية حصل له الحظ الأوفر والجزاء الأكبر، وإلا طالبه كل أحد من رعيته بحقه في الآخرة. (فالإمام) أي الأعظم أو نائبه، في رواية: (فالأمير) (راع) فيمن ولي عليهم، يقيم الحدود والأحكام على سنن الشرع، ويحفظ الشرائع، ويحمي البيضة، ويجاهد العدو، (وهو مسئول عن رعيته) هل راعى حقوقهم أو لا، (والرجل راع في أهله) زوجته وغيرها (وهو مسئول عن رعيته) هل وفاهم حقوقهم من نحو نفقة وكسوة وحسن عشرة، (والمرأة راعية في بيت زوجها) بحسن تدبيرها في المعيشة، والنصح له، والشفقة عليه، والأمانة في ماله، وحفظ عياله وأضيافه ونفسها، (وهي مسئولة عن رعيتها) هل قامت بما يجب عليها، ونصحت في التدبير، أو لا؟ فإذا أدخل الرجل قوته بيته فالمرأة أمينة عليه، وإن اختزنه دونها خرج عن أمانتها الخاصة، وصارت هي وغيرها فيه سواء، فإن سرقت من المخزن قطعت وفاقا للشافعي ومالك ، خلافا لأبي حنيفة في قوله: لا قطع بين الزوجين. قال ابن العربي : كنت بالروضة المقدسة وعندنا عز الإسلام السميكاتي أحد أئمة الشافعية، فتذاكرت معه المسألة، وقلت: الحنفية يقولون الزوجية توجب اتحادا في الأبدان تمنع من القطع كاتحاد الأبوة والبنوة، فقال: هذا باطل؛ إذ لو كان موجبا للاتحاد بينهما لأسقط القصاص، فإذا كانت شبهة هذا الاتحاد لا تسقط العقوبة في محلها وهو البدن، فأولى أن لا تسقط الواجب في غير محلها وهو المال، وهو القطع بالسرقة، (والخادم راع في مال سيده) بحفظه فعليه القيام بما يستحقه عليه من حسن خدمته ونصحه، (وهو مسئول عن رعيته، والرجل راع في مال أبيه) بحفظه وتدبير مصلحته، (وهو مسئول عن رعيته، فكلكم راع) بالفاء جواب شرط محذوف، الفذلكة وهي التي يأتي بها المحاسب بعد التفصيل، ويقول فلك كذا وكذا حفظا للحساب وتوقيا عن الزيادة والنقص، (وكلكم مسئول عن رعيته) عمم أولا ثم خصص ثانيا، وقسم الخصوصية إلى جهة الرجل، وجهة المرأة، وجهة الخادم، وجهة النسب، ثم عم آخرا تأكيدا لبيان الحكم أولا وآخرا، وفيه رد العجز على الصدر، ذكره كله البيضاوي . وقال الطيبي : كلكم راع تشبيه مضمر الأداة، أي كلكم مثل الراعي، وكلكم مسئول عن رعيته، وفيه معنى التشبيه، وهذا مطرد في التفصيل، ووجه التشبيه حفظ الشيء وحسن التعهد، وهذا القدر المشترك في التفصيل، وأفاد أن الراعي غير مطلوب لذاته، بل أقيم لحفظ ما استرعاه، ويشمل المنفرد إذ يصدق عليه أنه راع في جوارحه بفعل المأمور وترك المنهي، وفيه تكذيب لوضاع أموي افترى خبر إذا استرعى عبدا للخلافة كتب له الحسنات لا السيئات.

(حم ق د ت عن ابن عمر ).




الخدمات العلمية