الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            صفحة جزء
            ص - ومن السمع : وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا لاستلزام مذهبهم خلافه .

            التالي السابق


            ش - هذا دليل آخر للأصحاب على نفي الحسن والقبح العقليين ، مأخوذ من السمع .

            توجيهه أن يقال : قوله تعالى : وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا يقتضي نفي التعذيب بمباشرة بعض الأفعال وترك بعضها قبل بعثة الرسل إلى غاية البعثة .

            ومذهب المعتزلة يستلزم تعذيب تارك بعض الأفعال ومباشرة بعضها قبل بعثة الرسل ; لأن الحسن والقبح على مذهبهم يتحقق قبل البعثة .

            والحسن في بعض الأفعال مستلزم لكونه واجبا ، والقبح في بعضها مستلزم لكونه حراما ، فيكون بعض الأفعال قبل البعثة واجبا وبعضها حراما . فمن ترك البعض الواجب أو باشر البعض المحرم عذب ; لأن [ ص: 305 ] الواجب : ما يستحق تاركه العذاب ، والحرام : ما يستحق فاعله العذاب .

            فالتعذيب بمباشرة بعض الأفعال وترك بعضها قبل بعثة الرسل لازم لمذهب المعتزلة ، وهو مناف لمقتضى الآية ، فيكون مذهبهم مستلزما لخلاف مقتضى الآية ، أي لمنافيه . وإذا كان اللازم منافيا لشيء يكون الملزوم منافيا له ، فيكون مذهبهم منافيا لمقتضى الآية . ومقتضى الآية ثابت فيلزم انتفاء مذهبهم .

            فإن قيل : لا نسلم أن التعذيب بمباشرة بعض الأفعال وترك بعضها لازم لمذهب المعتزلة ، بل استحقاق التعذيب بمباشرة بعضها وترك بعضها يكون لازما لمذهبهم ، واستحقاق التعذيب لا يستلزم العذاب ; لجواز العفو ، فلا يكون مذهبهم مستلزما لما هو خلاف مقتضى الآية .

            أجيب بأن مذهب المعتزلة أن تعذيب العبد على ارتكاب الصغائر قبل التوبة ، وعلى الكبائر بعدها واجب على الله تعالى ، فيكون التعذيب لازما لاستحقاق العذاب على مذهبهم .




            الخدمات العلمية