الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " ولو أدوا فقال من قلت قيمته : أدينا على العدد ، وقال الآخرون : على القيم ، فهو على العدد أثلاثا " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : إذا أدوا جميعا مال كتابتهم ثم اختلفوا في تساويهم فيه ، أو تفاضلهم لم يخل حال اختلافهم من أن يكون قبل عتقهم ، أو بعد عتقهم . فإن كان الاختلاف قبل العتق فصورته : أن يكاتبوا جميعا على مائة دينار ، وهم ثلاثة على أن [ ص: 163 ] كتابة أحدهم على عشرين دينارا ، وكتابة الآخر على ثلاثين دينارا ، وكتابة الثالث على خمسين دينارا ، فيؤدوا معا خمسين دينارا . ثم يختلفون فيقول من قلت قيمته : أديناها بالسوية أثلاثا ، فيكون لكل واحد منا ثلثها محسوبا مال كتابته ، ويقول من كثرت قيمته : أديناها على القيم فلي نصفها خمسة وعشرون دينارا ، ولك يا من قلت قيمته عشرة دنانير ، ولك يا من كثرت قيمته خمسة عشر دينارا ، فيكون التنازع في هذا الاختلاف مختصا ولا يكون السيد فيه خصما لهم ، لأن تنازعهم لا يقتضي استرجاع شيء من السيد ، فلذلك لم يضمن لهم حقهم ، فإن تصادقوا بعد الاختلاف عمل على تصادقهم ، ولم يعتبر فيه تصديق السيد لهم ، وإن أقاموا على التنازع والاختلاف فالذي نقله المزني هاهنا ونص عليه الشافعي في كتاب الأم ، أن القول فيه قول من قلت قيمته في ادعاء التساوي ، ويكون بينهم أثلاثا لتساوي أيديهم ، كثلاثة في أيديهم دار ادعى بعضهم أنها بينهم بالسوية أثلاثا ، وادعى الآخرون أنها بينهم على تفاضل ، فالقول فيها قول من ادعى التساوي دون التفاضل لتساوي أيديهم عليها فاستوت حقوقهم فيها .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية