الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : وأما القدر : فقد حكي عن علي عليه السلام أنه قدره بالربع ، ورواه مرفوعا ، ومذهب الشافعي أنه غير مقدر بالشرع ، وفيه وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : أنه معتبر بما أطلق عليه اسم الإيتاء ، من قليل أو كثير ، حتى لو أعطاه درهما من الورق أجزأ ، وهو الظاهر من مذهب الشافعي ؛ لأنه ما لم يتقدر بشرع ولا عرف اعتبر فيه ما ينطلق عليه الاسم .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : وهو قول أبي إسحاق المروزي ، أنه يتقدر بالاجتهاد من مثل تلك الكتابة ، كالمتعة التي روعي فيها عند إطلاقها متعة المثل ، اعتبارا بحال الزوجين ، ولم يراع فيها ما انطلق عليه الاسم ، كذلك هاهنا ، لأن ما انطلق عليه الاسم قليل لا يؤثر على المكاتب في معونته .

                                                                                                                                            [ ص: 190 ] وإذا كان كذلك اعتبر بثلاثة أمور :

                                                                                                                                            أحدها : كثرة مال الكتابة وقلته ، فيكون ما يعطى من الكثير أكثر ومن القليل أقل .

                                                                                                                                            والثاني : قوة المكاتب وضعفه ، فيعطى الضعيف الكسب أكثر ، والقوي الكسب أقل .

                                                                                                                                            والثالث : يسار السيد وإعساره ، فيعطيه الموسر أكثر ، والمعسر أقل ، فيعتبر في الاجتهاد بهذه الثلاثة ، فما أدى الاجتهاد إليه من قدر ، فهو المستحق في الإيتاء ، إلا أن يتفقا فيه على زيادة أو نقصان ، فيمضي على اتفاقهما فيما قل أو كثر .

                                                                                                                                            فإن اختلفا فيه قدره الحاكم باجتهاده ، وكان ما أداه اجتهاده إليه هو القدر المستحق .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية