الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي ، رضي الله عنه : " ولو جاءت بولد لأكثر من ستة أشهر من وطء الآخر منهما كلاهما يدعيه أو أحدهما ولا تدعي استبراء فهي أم ولد أحدهما ، فإن عجزت أخذ بنفقتها وأري القافة ، فبأيهما ألحقوه لحق ، فإن ألحقوه بهما لم يكن ابن واحد [ ص: 224 ] منهما حتى يبلغ فينتسب إلى أحدهما وتنقطع عنه أبوة الآخر ، وعليه للذي انقطعت أبوته نصف قيمتها إن كان موسرا وكانت أم ولد له ، وإن كان معسرا فنصفها لشريكه بحاله ، والصداقان ساقطان عنهما " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذه المسألة هي القسم الرابع من الأقسام الماضية ، وهو أن يمكن لحوق الولد بكل واحد منهما ، وذلك بأن تضعه لأقل من أربع سنين من وطء الأول ، ولستة أشهر فصاعدا من وطء الثاني ، وليس فيها من يدعي الاستبراء فيحتمل أن يلحق بالأول ، لأنها وضعته لأقل من أكثر الحمل ، ويحتمل أن يلحق بالثاني ، لأنها وضعته لأكثر من أقل الحمل ، وإذا احتمل الأمرين عرض الولد على القافة ليلحقوه بأحدهما ، فإن ألحقوه بالأول كان الحكم فيه على ما مضى في القسم الثاني ، وإن ألحقوه بالثاني كان الحكم فيه على ما مضى في القسم الثالث ، وإن أشكل على القافة وقف الولد على الانتساب إلى أحدها ، وفي زمان انتسابه قولان :

                                                                                                                                            أحدهما : إذا استكمل سبع سنين في الحال التي يخير فيها بين أبويه ، لأنه ينقاد بطبعه .

                                                                                                                                            والقول الثاني : البلوغ لأنه لا حكم لقوله قبل بلوغه ، فإذا انتهى إلى زمان الانتساب قيل له : انتسب إلى أحدهما بطبعك المائل إليه ، فإن الأنساب تتعاطف .

                                                                                                                                            روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( إن الرحم إذا تماست تعاطفت ) فإذا انتسب إلى أحدهما لحق به ، وانقطعت عنه أبوة الآخر ، ويكون حكم من لحق به ، وانتفى عنه على ما قدمناه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية