الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : وأما القسم الثاني : وهو أن يكون باقيه ملكا لشريك فيه ، فلا تخلو كتابة هذا السيد من أحد أمرين : إما أن تكون بإذن شريكه فيه . أو بغير إذنه .

                                                                                                                                            فإن كانت بغير إذن الشريك فالكتابة فاسدة ، لما فيها من دخول الضرر على الشريك بنقصان قيمة حصته ، وجوزها الحكم بن عتبة وابن أبي ليلى ، كما يجوز بيع حصته بغير إذن شريكه ، وليس لهذا القول وجه ، لأن البيع لا يلحق الشريك فيه ضرر ، [ ص: 200 ] فجوزناه بغير إذنه ، والكتابة يدخل بها ضرر عليه ، فمنع منها بغير إذنه .

                                                                                                                                            وإن كاتبه بإذن شريكه ، ففي صحة كتابته قولان :

                                                                                                                                            أحدهما : نص عليه الشافعي في كتاب الأم على مسائل محمد بن الحسن أن الكتابة صحيحة ، وبه قال أبو حنيفة ومالك ، لأن المانع منها دخول الضرر على الشريك ، وإذنه رضا بالضرر فزال المنع وصحت الكتابة .

                                                                                                                                            والقول الثاني : نص عليه الشافعي في هذا الموضع وأكثر كتبه ، واختاره المزني ، أن الكتابة فاسدة ، وإن أذن فيها الشريك لأربعة معان :

                                                                                                                                            أحدها : أن موضوع الكتابة أن يكمل بها تصرف المكاتب ، ولا يكمل تصرفه بكتابة بعضه ، لأنه إن أراد أن يسافر لكتابته منعه الشريك من السفر ، لرقه ، فاقتضى أن تكون فاسدة .

                                                                                                                                            والثاني : أنه لا يقدر بكتابة بعضه أن يستعين بمال الصدقات ، لأن الشريك يأخذ منه بقدر سهمه ، والصدقة لا تحل له ، فمنع منها حتى تكمل كتابة جميعه .

                                                                                                                                            والثالث : لأنه إذا كوتب في نصفه على ألف ، لم يعتق إلا بأداء ألفين ، ليأخذ الشريك منها ألفا والمكاتب ألفا ، وما أفضى إلى هذا لم تصح به الكتابة كما لو شرطت عليه الزيادة لفظا .

                                                                                                                                            والرابع : أنه إذا عتق ما كوتب عليه سرى العتق إلى باقيه ، فعتق بالكتابة ما لم يدخل فيها ، ففسدت كما لو قال : كاتبتك على أنك إذا أديت مال كتابتك فأنت وأخوك حران ، كانت كتابته فاسدة ، لتعدي العتق فيها إلى ما لم يدخل في عقدها ، كذلك في مسألتنا .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية