الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            صفحة جزء
            ص - قالوا : لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى . قلنا : يجب تأويله ، إما بمثل " لا تمت وأنت ظالم " . وإما على أن المراد الثمل لمنعه التثبت ، كالغضب .

            التالي السابق


            ش - هذا دليل آخر على وقوع التكليف بدون فهم الخطاب . توجيهه أن قوله تعالى : ياأيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون يدل صريحا على أن السكران مكلف بالنهي عن الصلاة حالة السكر ، والسكران حالة السكر غافل لا يفهم الخطاب .

            [ ص: 438 ] أجاب المصنف عنه بأن هذه الآية لا تحمل على ظاهرها ، وإلا يلزم بطلان الدليل الذي ذكرنا على عدم جواز تكليف الغافل ، بل لا بد من التأويل .

            ولها تأويلان : أحدهما : أن المراد النهي عن السكر حالة إرادة الصلاة ، إن كان نزول الآية قبل التحريم ، لا النهي عن الصلاة حالة السكر . مثل ما يقال : لا تمت وأنت ظالم . أن النهي عن الظلم عند الموت ، لا النهي عن الموت حالة الظلم .

            الثاني : أن المراد من السكران : الثمل . وهو الذي ظهرت منه مبادئ النشاط والطرب وما زال عقله .

            وقوله تعالى : حتى تعلموا ما تقولون معناه حتى يتكامل فيكم العقل والفهم . ويكون تسمية الثمل بالسكران تسمية الشيء باسم ما يئول إليه .

            وإنما نهى الله سبحانه وتعالى عن الصلاة في تلك الحالة ، وإن فهم المكلف الخطاب في تلك الحالة ، لعدم تثبت الثمل في الصلاة ; لأنه يعسر في تلك الحالة إتمام الخشوع ومحافظة أركان الصلاة على الوجه الصحيح ، كالغضبان .




            الخدمات العلمية