الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            صفحة جزء
            ص - ( مسألة ) : إذا انفرد العدل بزيادة والمجلس واحد . فإن كان غيره لا يغفل مثلهم عن مثلها عادة - لم تقبل . وإلا فالجمهور : تقبل .

            [ ص: 741 ] وعن أحمد روايتان . لنا : عدل جازم ، فوجب قبوله . قالوا : ظاهر الوهم ، فوجب رده .

            قلنا : سهو الإنسان بأنه سمع ولم يسمع ، بعيد ، بخلاف سهوه عما سمع ، فإنه كثير .

            فإن تعدد المجلس [ قبل ] باتفاق . فإن جهل - فأولى بالقبول .

            ولو رواها مرة ، و تركها مرة - فكروايتين . وإذا أسند وأرسلوه ، أو رفعه ووقفوه ، أو وصله وقطعوه ، فكالزيادة .

            التالي السابق


            ش - إذا روى جماعة من العدل حديثا وانفرد عدل واحد منهم برواية زيادة على ذلك الحديث فلا يخلو إما أن تكون هذه الزيادة منافية للمزيد عليه ، أو نفي غيره تلك الزيادة جزما أو لا .

            فهذه ثلاثة أقسام . الأول والثاني منها لا يقبلان باتفاق . مثال الأول : " في أربعين شاة شاة " . فيقول راوي الزيادة " في أربعين شاة نصف شاة " .

            [ ص: 742 ] مثال الثاني هو أن يقول الغير : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " في أربعين شاة شاة " وسكت الرسول وقت بلوغ كلامه إلى هذا اللفظ ولم يزد وكنت أترصد .

            وأما الثالث فكما إذا روى جماعة أنه - عليه السلام - دخل البيت ، وانفرد واحد منهم بزيادة قوله : " وصلى " . فلا يخلو إما أن يكون مجلس التحمل واحدا أو متعددا أو مجهولا وحدته وتعدده .

            فإن كان المجلس واحدا فلا يخلو إما أن يكون غير ذلك المنفرد من الرواة جمعا لا يغفل مثلهم عن مثل تلك الزيادة عادة أو لا . فإن كان الأول ، لم يقبل الزيادة التي تفرد بها الراوي بالاتفاق . وإن كان الثاني فالجمهور على أنه يقبل .

            ونقل عن أحمد روايتان : إحداهما أنه يقبل والأخرى أنه لا يقبل .

            [ ص: 743 ] واحتج المصنف على مذهب الجمهور بأن المقتضي للقبول متحقق ، والمانع مفقود ، فوجب قبوله عملا بالمقتضي السالم عن المعارض وهو المانع .

            أما وجود المقتضي فهو إخبار العدل الجازم لما أخبره . وأما انتفاء المانع فلأن ما رواه الآخرون لا يكون منافيا لتلك الزيادة .

            احتج الخصم بأن قول المنفرد ظاهر الوهم فيما رواه من الزيادة ، أو يجوز أنه لم يسمع ووهم سماعه ، أو سمع من غير الرسول - صلى الله عليه وسلم - ، فتوهم سماعه منه . لأنه لو كان الزيادة من كلام الرسول لما غفل عنه الحاضرون .

            أجاب بأن سهو الإنسان بأنه سمع ولم يسمع نادر بعيد عن الوقوع ، بخلاف سهوه عما سمع ، فإنه كثير شائع فاحتمال الوهم في حق من لم يرو الزيادة أكثر .

            وإن تعدد مجلس التحمل تقبل الزيادة بالاتفاق ; لاحتمال ذكر الرسول الزيادة في أحد المجلسين دون الآخر .

            وإن جهل تعدد المجلس ووحدته فهو أولى بالقبول مما إذا اتحد المجلس .

            وأما إذا روى الراوي الزيادة مرة و تركها أخرى فحكمه حكم الروايتين ، فحيث اتحد المجلس ففيه الخلاف .

            والمراد باتحاد المجلس ، الاتحاد بالزمان . وحيث تعدد ، فحكمه القبول بالاتفاق . وحيث جهل فهو أولى بالقبول مما إذا اتحد .

            [ ص: 744 ] وإذا أسند عدل واحد بأن يذكر الحديث مع الرواة من غير إخلال بواحد منهم ، وأرسل الباقون بأن يذكروا الحديث ولا يذكرون الرواة . مثل أن يقولوا : قال النبي ، مع أنهم لم يروه .

            أو رفع بأن لا يقطع على الصحابي ورفعه إلى الرسول ، ووقف الباقون ، بأن يقطعوه على الصحابي .

            أو وصل بأن لا يخل بذكر أحد الرواة في البين ، وقطع الباقون بأن يخلوا به . فحكم هذه الصور حكم الزيادة .

            لأنه عند التأمل يظهر أن المسند والرافع والواصل ، راوي الزيادة بالنسبة إلى المرسل والواقف والقاطع .




            الخدمات العلمية