الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
م20 - وأجمعوا : على أنه يستحب للمعتكف ذكر الله تعالى والصلاة وقراءة القرآن .

ثم اختلفوا : في إقرائه القرآن ، أو الحديث ، أو الفقه .

فقال مالك ، وأحمد : لا يستحب له ذلك . [ ص: 441 ]

وعن مالك رواية أخرى ذكرها الجلاب ، فقال : وقال مالك : لا بأس أن يكتب المعتكف في المسجد ، وأن يقرأ فيه ، ويقرئ غيره القرآن .

وقال أبو حنيفة والشافعي يستحب له ذلك .

وروى المروذي ، عن أحمد ، في الرجل يقرئ في المسجد ويريد أن يعتكف ، فقال : يقرئ أحب إلي .

قال القاضي أبو يعلى بن الفراء : وهذا على أصله ، من أنه لا يستحب للمعتكف أن ينتصب للإقراء ، ولا لدرس العلم ، فينقطع بالاعتكاف عن الإقراء ، فكان الإقراء أفضل من الاعتكاف ، إلا أن منفعة ذلك يتعدى .

قال الوزير - رحمه الله - : والذي عندي في ذلك ، أن مالكا ، وأحمد لم يريا استحباب أن لا يقرئ المعتكف غيره القرآن في حالة اعتكافه ؛ إلا من حيث إنه بإقرائه غيره ينصرف همه عن تدبر القرآن إلى حفظه على القارئ ، فيكون قد صرف فهمه عن تدبر أسراره لنفسه إلى حفظ ظاهر نطقه لغيره ، وإلا فلا يظن بهما رضي الله عنهما ، أنهما كانا يريان شيئا من عبادات المعتكف يعدل قراءة القرآن في تدبر له ، وهذا كله يشير إلى أن الاعتكاف حبس للنفس ، وجمع الهمة على نفوذ البصيرة في تدبر القرآن ، ومعاني التسبيح ، والتحميد ، والتهليل ، وذكر الله سبحانه وتعالى ، فيكون كل ما جمع من الفكر [ ص: 442 ] يناسب هذه العبادة ، وكل ما بسط من الفكر ونشر من الهم ينافيها .

التالي السابق


الخدمات العلمية