الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( وعلى العامل ) بنفسه أو نائبه عمل ( ما يحتاج إليه لصلاح الثمر واستزادته مما يتكرر كل سنة كسقي ) إن لم يشرب بعروقه وتوابعه كإصلاح طرق الماء وإدارة الدولاب وفتح رأس الساقية أي القناة وسدها عند السقي ( تنبيه )

                                                                                                                              قد يقال جعل ما ذكر توابع للسقي يحيل حقيقته وجوابه أنه أريد به إيصال الماء وبتوابعه ما يحصله فلا إحالة ( وتنقية نهر ) أي مجرى الماء من طين وغيره ( وإصلاح الأجاجين ) وهي الحفر حول النخل ( التي يثبت فيها الماء ) شبهت بالأجانة التي يغسل فيها ( وتلقيح ) وهو وضع بعض طلع ذكر على طلع أنثى ( وتنحية حشيش ) ولو رطبا وإطلاقه عليه لغة وإن كان الأشهر أنه اليابس ( وقضبان مضرة ) لاقتضاء العرف ذلك وقيدنا ما عليه بالعمل ؛ لأنه لا يجب عليه عين أصلا فنحو طلع يلقح به وقوصرة تحفظ العنقود عن الطير على المالك ( وتعريش جرت به ) أي التعريش ( عادة ) في ذلك المحل ليمتد الكرم عليه ووضع حشيش على العناقيد صونا لها عن الشمس عند الحاجة ( وكذا حفظ الثمر ) على النخل وفي الجرين من نحو سارق وطير فإن لم يتحفظ به لكثرة السراق أو كبر لبستان فالمؤنة عليه كما اقتضاه إطلاقهم ، لكن قال الأذرعي الذي يقوي أنه لا يلزمه أن يكري عليه من ماله بل على المالك معونته عليه

                                                                                                                              ( وجذاذه ) أي قطعه ( وتجفيفه في الأصح ) لأن الصلاح يحصل بهما نعم الذي في الروضة وأصلها تقييد وجوب التخفيف بما إذا اعتيد أو شرطاه لكنه معترض بأن الوجه ما أطلقه المتن من وجوبه مطلقا إذ مقابل الأصح لا يتأتى إلا عند انتفاء العادة والشرط إذ لا يسعه مخالفتهما ، وإذا وجب إصلاح موضعه وتهيئته ونقل الثمرة إليه وتقليبها في الشمس وما عليه [ ص: 117 ] يصح استئجاره المالك له ، ولو فعل ما على المالك بإذنه استحق عليه الأجرة تنزيلا له منزلة قوله لغيره اقض ديني وبه فارق قوله له اغسل ثوبي وظاهر كلامهم أن ما ذكروا أنه على العامل أو المالك من غير تعويل فيه على عادة لا يلتفت فيه إلى عادة مخالفة له وهو ظاهر بناء على أن العرف الطارئ لا يعمل به إذا خالف عرفا سبقه وهو ما دل عليه كلام الزركشي في قواعده بل كلامهم في الوصية والأيمان وغيرهما صريح فيه فبحث أن ما ذكروه على العامل لو اعتيد منه شيء على المالك لزمه غير صحيح ، ولو ترك العامل بعض ما عليه نقص من حصته بقدره كما في الجعالة .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله في المتن ما يحتاج إليه إلخ ) قدر الشارح عمل كما ترى ، ولك أن تقول يغني عن تقديره تأويل ما يعمل مع أن تقديره لا يغني عن التأويل المذكور فيحتاج لحمل ما على العمل بمعنى الحاصل بالمصدر والعمل المقدر بالمعنى المصدري ؛ لأن الحاصل بالمصدر أثره ولا يتأتى العكس ؛ إذ الحاصل بالمصدر لا يكون المعنى المصدري أثره وحينئذ يلزم أن المكلف به المعنى المصدري وليس بصحيح فإن المقرر في الأصول أن المكلف به الحاصل بالمصدر ؛ لأنه الوجودي ولا تكليف إلا بوجودي والمعنى المصدري ليس بوجودي ، كما تقرر ثم فلم يفد ما قدره إلا الضرر فتأمل

                                                                                                                              ( قوله يحيل حقيقته ) يتأمل كيف الورود ( قوله وقيدنا ما عليه بالعمل إلخ ) يغني عن زيادة تفسير ما به كما مر ( قوله لكن قال الأذرعي إلخ ) كذا في شرح م ر ( قوله [ ص: 117 ] ولو فعل ما على المالك بإذنه ) أي من غير تعرض لأجرة ( قوله وظاهر كلامهم إلخ ) اعتمده م ر ( قوله وهو ظاهر بناء إلخ ) فما تقدم أنه يحمل في كل ناحية على العرف الغالب إن كان عرف غالب وعرفاه إنما يتجه إذا شمل ذلك العرف الغالب جميع ما تبين أنه على العامل وإلا فلا وجه للحمل عليه ( قوله ولو ترك العامل بعض ما عليه نقص من حصته بقدره ) هذا كقول شرح الروض فرع في فتاوى القاضي إذا شرط المالك على العامل أعمالا تلزمه فأثمرت الأشجار والعامل لم يعمل بعض تلك الأعمال استحق من الثمرة بقدر ما عمل فإن عمل نصف ما لزمه استحق نصف ما شرط له ا هـ ، مبني على أن العامل أجير ، لكن الصحيح كما قاله الماوردي والروياني أنه شريك وعلى هذا فيستحق جميع ما شرط له ، وإن ترك جميع الأعمال التي عليه سواء في ذلك المساقاة على العين والذمة وفي العباب ولو أطلع الشجر قبل العمل فيه قبض العامل الشجر أم لا استحق حصته من الثمرة ولزمته أجرة مثل ما التزمه من العمل ا هـ ، ونقله في تجريده عن الماوردي وهو مبني على أنه شريك ، وأما قوله في أصل الروض فإن كانت أي المساقاة على عينه وعامل غيره انفسخت بتركه العمل ا هـ ، فيحتمل تفريعه على أنه أجير ويحتمل خلافه ويفرق بينه وبين مجرد الترك بأن في مساقاة الغير مع الترك مزيد إعراضا ومنافاة للحال تقتضي الانفساخ فليحرر .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              قول المتن ( وعلى العامل ) أي عند الإطلاق ا هـ مغني ( قوله عمل ما يحتاج إلخ ) قدر الشارح عمل كما ترى ولك أن تقول يغني عنه تفسير ما بعمل ا هـ سم ( قوله يحيل حقيقته ) أي إذ المتبادر بالسقي جميع ما يتوقف عليه وصول الماء ( قوله أي مجرى الماء ) إلى قوله فإن لم يتحفظ في المغني وإلى قوله وهو ما دل في النهاية قول المتن ( نهر ) أي وبئر ا هـ مغني ( قوله من طين إلخ ) متعلق بتنقية إلخ قول المتن ( يثبت ) أي يجتمع قول المتن ( وتلقيح ) وقد يستغنى عنه لكون الإناث تحت ريح الذكور فيحمل الهواء ريح الذكور إليها نهاية ومغني قول المتن ( وتنحية إلخ ) أي إزالته قول المتن ( وقضبان ) بضم القاف وكسرها جمع قضيب وهو الغصن ( قوله وقيدنا إلخ ) انظر هلا أخر هذا عن جميع ما على العامل ا هـ رشيدي ( قوله وقيدنا ما عليه بالعمل إلخ ) يغني عن زيادته تفسير ما بعمل كما مر ا هـ سم قول المتن ( وتعريش إلخ ) وهو أن ينصب أعوادا و يظللها ويرفع العنب عليها شرح منهج ومغني ( قوله ووضع حشيش إلخ ) بالجر عطفا على سقي ، ولو أخره وأدخله في تفسير حفظ الثمر كما فعل المغني لكان أنسب ( قوله من نحو سارق إلخ ) أي كالزنابير ا هـ مغني ( قوله فالمؤنة عليه ) أي العامل معتمد و ( قوله لكن قال الأذرعي إلخ ) هو ضعيف ا هـ ع ش ( قوله معونته ) أي العامل ( عليه ) أي على الكراء

                                                                                                                              ( قوله أي قطعه ) إلى قوله وظاهر كلامهم في المغني ( قوله بهما ) عبارة النهاية والمغني ؛ لأنها من مصالحه ا هـ بإرجاع الضمير إلى الثلاثة المذكورة بعد وكذا قوله لكنه معترض إلخ ويمكن دفع الاعتراض بحمل معتاد التجفيف في كلام الروضة وأصلها على ما يجف غير رديء أي بخلاف ما لا يجف أصلا أو يجف رديئا فلا يجب تجفيفه ( قوله وإذا وجب ) أي التجفيف ( قوله وما عليه ) مبتدأ أي وكل عمل وجب [ ص: 117 ] على العامل و ( قوله يصح إلخ ) خبره ( قوله ولو فعل ما على المالك ) الأنسب وما على المالك لو فعله ( قوله بإذنه ) أي من غير تعرض لأجرة سم على حج ا هـ ع ش أي وإلا فيستحقها قطعا ( قوله استحق عليه الأجرة إلخ ) قياسه أن ما وجب على العامل إذا فعله المالك بإذنه استحق به الأجرة على العامل للعلة المذكورة ا هـ ع ش ( قوله تنزيلا له منزلة اقض ديني ) أي بجامع الوجوب إذ ما يخصه يجب عليه فعله لحق العامل ا هـ رشيدي

                                                                                                                              ( قوله وبه فارق ) أي بالتنزيل ( قوله له ) أي لآخر ( قوله وهو ظاهر بناء إلخ ) أي وما تقدم أن المطلق يحمل في كل ناحية على العرف الغالب إن كان عرف غالب وعرفاه إنما يتجه إذا شمل ذلك العرف الغالب جميع ما تبين أنه على العامل وإلا فلا وجه للحمل عليه ا هـ سم ( قوله فبحث ) عبارة النهاية فقول الشيخ في شرح منهج هـ ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله ذكروه على العامل ) الأولى ذكروا أنه على إلخ ( قوله غير صحيح ) خبر قوله فبحث إلخ ( قوله ولو ترك العامل إلخ ) هذا كقول شرح الروض إذا شرط المالك على العامل أعمالا تلزمه فأثمرت الأشجار والعامل لم يعمل بعض تلك الأعمال استحق من الثمرة بقدر ما عمل فإن عمل نصف ما لزمه استحق نصف ما شرط له ا هـ مبني على أن العامل أجير لكن الصحيح أنه شريك وعلى هذا فيستحق جميع ما شرط له إن ترك جميع الأعمال سواء في ذلك المساقاة على العين والذمة وفي العباب ، ولو أطلع الشجر قبل العمل فيه قبض العامل الشجر أم لا استحق حصته من الثمرة ولزمه أجرة ما التزمه من العمل انتهى ا هـ سم ويأتي عن النهاية والمغني ما يوافقه .




                                                                                                                              الخدمات العلمية