الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولو أقطعه الإمام ) أظهره بوصف آخر تفننا [ ص: 214 ] ولو حذفه لاستغني عنه ويصح أن يشير بذلك إلى أن الإمام أخص من السلطان ؛ لأن من شأنه أنه يحكم على السلاطين المختلفة وأن الإقطاع إنما هو من وظيفة الإمام دون غيره بخلاف قول ما مر ( مواتا ) لتمليك رقبته ملكه بمجرد إقطاعه له أو ليحييه وهو يقدر عليه ( صار أحق بإحيائه ) بمجرد الإقطاع أي مستحقا له دون غيره وصار ( كالمتحجر ) في أحكامه السابقة وذلك لأنه { صلى الله عليه وسلم أقطع الزبير رضي الله عنه أرضا من أموال بني النضير } رواه الشيخان وبحث الزركشي أن ما أقطعه صلى الله عليه وسلم لا يملكه الغير بإحيائه كما لا ينقض حماه ولا ينافي ما تقرر أن المقطع لا يملك قول الماوردي إنه يملك ؛ لأنه محمول كما في شرح المهذب على ما إذا أقطعه الأرض تمليكا لرقبتها كما مر وأفهم قوله مواتا أنه ليس له إقطاع غيره ولو مندرسا لكن العمل على خلافه كذا قيل وفيه نظر ؛ لأنه إن كان ملكا لمرجو لم يجز له أو لغير مرجو فهو ملك لبيت المال فيجوز له [ ص: 215 ] كما مر بل قد يجب عليه ونقل الأذرعي عن الفارقي وقال لا أحسب فيه خلافا جواز الإقطاع للاستغلال إذا وقع لمن هو من أهل النجدة على ما يليق بحاله ا هـ وفيه نظر بل الوجه ما علم مما مر آنفا عن المجموع وغيره أن للإمام الإقطاع لتمليك الرقبة ولتمليك المنفعة فقط بحسب ما يراه من المصلحة سواء أهل النجدة وغيرهم .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله ولو حذفه لاستغني عنه ) لكن ذكره أوضح ( قوله بمجرد إقطاعه له ) ظاهره وإن لم يضع يده عليه ( قوله في أحكامه السابقة ) يؤخذ منه أنه لو أحياه آخر ملكه ويدل عليه أيضا قوله وبحث الزركشي إلخ ( قوله وذلك لأنه صلى الله عليه وسلم أقطع الزبير إلخ ) كأن وجه الاستدلال القياس [ ص: 215 ] وإلا فالكلام في إقطاع الموات وأموال بني النضير ليست منه كما هو ظاهر .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله أظهره إلخ ) أي ذكر الإمام مظهرا بعنوان الإمامة بعد أن ذكره بعنوان السلطنة [ ص: 214 ] قوله ولو حذفه ) أي أضمره ( قوله لاستغني عنه ) لكن ذكره أوضح ا هـ سم ( قوله دون غيره ) لعل محله إذا لم يفوض الأمر إلى السلطان تفويضا مطلقا عاما ا هـ سيد عمر ( قوله بخلاف قول ما مر ) أي أحي أو اترك ا هـ كردي ( قوله لتمليك رقبته ) إلى قوله ولا ينافي في المغني وإلى قوله بل قد يجب في النهاية إلا قوله لكن العمل إلى وفيه نظر ( قوله ملكه إلخ ) جواب لو ( قوله بمجرد إقطاعه له ) ظاهره وإن لم يضع يده عليه ا هـ سم ( قوله في أحكامه السابقة ) يؤخذ منه أنه لو أحياه آخر ملكه ، ويدل عليه أيضا قوله وبحث الزركشي إلخ ا هـ سم أقول وصرح به المنهج

                                                                                                                              ( قوله وذلك إلخ ) عبارة المغني والأصل في الإقطاع خبر الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم أقطع الزبير إلخ وخبر الترمذي وصححه أنه { صلى الله عليه وسلم أقطع وائل بن حجر بحضرموت } ا هـ ( قوله لأنه صلى الله عليه وسلم إلخ ) لك أن تقول التعبير بالأموال يخرج الموات ؛ لأنه ليس مالا لهم فلا يصلح حجة لما هنا بل لما سيفيده الشارح قريبا بقوله أو لغير مرجو فليتأمل ا هـ سيد عمر عبارة سم وأقرها ع ش كأن وجه الاستدلال القياس وإلا فالكلام في إقطاع الموات وأموال بني النضير ليست منه كما هو ظاهر ا هـ وصنيع المغني المار آنفا سالم عن الإشكال ( قوله وبحث الزركشي إلخ ) عبارة المغني لكن يستثنى هنا كما قال الزركشي ما أقطعه صلى الله عليه وسلم إلخ ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله أن ما أقطعه صلى الله عليه وسلم ) أي إرفاقا ا هـ رشيدي ( قوله لا يملك ) أي بالإقطاع ( قوله لا يملكه الغير ) أي غير المقطع ا هـ ع ش ( قوله كما مر ) وهو قوله لتمليك رقبته إلخ ا هـ كردي ( قوله وأفهم قوله إلخ ) عبارة المغني

                                                                                                                              تنبيه هل يلحق المندرس الضائع بالموات في جواز الإقطاع فيه وجهان أصحهما في البحر نعم بخلاف الإحياء فإن قيل هذا ينافي ما مر من جعله كالمال الضائع أجيب بأن المشبه لا يعطى حكم المشبه به من جميع الوجوه والحاصل أن هذا مقيد لذاك ، وأما إقطاع العامر فعلى قسمين إقطاع تمليك وإقطاع استغلال الأول أن يقطع الإمام ملكا أحياه بالأجراء والوكلاء أو اشتراه أو وكيله في الذمة فيملكه المقطع بالقبول والقبض إن أبد أو أقت بعمر المقطع وهو العمرى ويسمى معاشا والأملاك المتخلفة عن السلاطين الماضية بالموت أو القتل ليست بملك للإمام القائم مقامهم بل لورثتهم إن ثبتوا وإلا فكالأموال الضائعة ، ولا يجوز إقطاع أراضي الفيء تمليكا ولا إقطاع الأراضي التي اصطفاها الأئمة لبيت المال من فتوح البلاد إما بحق الخمس وإما باستطابة نفوس الغانمين ولا إقطاع أراضي الخراج صلحا وفي إقطاع أراضي من مات من المسلمين ولا وارث له وجهان الظاهر منهما المنع ويجوز إقطاع الكل معاشا والثاني أن يقطع غلة أراضي الخراج قال الأذرعي ولا أحسب في جواز الإقطاع للاستغلال خلافا إذا وقع في محله لمن هو من أهل النجدة قدرا يليق بالحال من غير مجازفة ا هـ أي فيملكها المقطع له بالقبض ويختص بها قبله فإن أقطعها من أهل الصدقات بطل وكذا من أهل المصالح وإن جاز أن يعطوا من مال الخراج شيئا لكن بشرطين أن يكون بمال مقدر قد وجد سبب استباحته كالتأذين والإمامة وغيرهما وأن يكون قد حل المال ووجب ليصح الحوالة به ويخرج بهذين الشرطين عن حكم الإقطاع وإن أقطعها من القضاة أو كتاب الدواوين جاز سنة واحدة وهل يجوز الزيادة عليها وجهان أصحهما المنع إن كان جزية والجواز إن كان أجرة ويجوز الإقطاع للجندي من أرض عامرة للاستغلال بحيث تكون منافعها له ما لم ينزعها الإمام

                                                                                                                              وقضية قول المصنف في فتاويه إنه يجوز له إجارته أنه يملك منفعتها قال بعض المتأخرين وما يحصل للجندي من الفلاح من مغل وغيره فحلال بطريقه وما يعتاد أخذه من رسوم ومظالم فحرام والمقاسمة مع الفلاح حيث البذر منه منعها الشافعي رضي الله تعالى عنه وغيره وحينئذ فالواجب على الفلاح أجرة مثل الأرض وإذا وقع التراضي على أخذ المقاسمة عوضا عن أجرة الأرض كان ذلك جائزا فحق على الجندي المقطع أن يرضي الفلاح في ذلك ولا يأخذ منه إلا ما يقابل أجرة الأرض وإن كان البذر من الجندي فجميع المغل له وللفلاح أجرة مثل ما عمل فإن رضي الفلاح عن [ ص: 215 ] أجرته بالمقاسمة جاز ا هـ كلام المغني من نسخة سقيمة

                                                                                                                              ( قوله كما مر ) أي في أوائل الباب ا هـ كردي أي في شرح فمال ضائع وكذا قوله الآتي مما مر آنفا ( قوله وفيه نظر إلخ ) عبارة النهاية وقد مر ما فيه وحاصله أنه إن توقع ظهور مالكه حفظ له وإلا صار ملكا لبيت المال فللإمام إقطاعه ملكا أو ارتفاقا بحسب ما يراه مصلحة ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله من أهل النجدة ) أي القتال والجهاد ( قوله وفيه نظر ) يتأمل مع ما في المغني فإنه نقله نقل المذهب كما هو عادته ا هـ سيد عمر وقد مر عبارة المغني آنفا .




                                                                                                                              الخدمات العلمية