الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( والصيغة ) لا بد منها هنا كالبيع فيجرى فيها خلاف المعاطاة ويشترط فيها جميع ما مر في صيغة البيع إلا عدم التوقيت وهي إما صريح أو كناية فمن الصريح ( آجرتك هذا أو أكريتك ) هذا ( أو ملكتك منافعه سنة ) ليس ظرفا لآجر وما بعده ؛ لأنه إنشاء وهو ينقضي بانقضاء لفظه بل لمقدر نحو انتفع به سنة ونظيره في التقدير على القول به في الآية قوله تعالى { فأماته الله مائة عام } أي وألبثه مائة عام فإن قلت يصح جعله ظرفا لمنافعه المذكورة فلا يحتاج لتقدير وليس كالآية كما هو واضح قلت المنافع أمر موهوم الآن والظرفية تقتضي خلاف ذلك فكان تقدير ما ذكر أولى أو متعينا ( بكذا ) وتختص إجارة الذمة بنحو ألزمت ذمتك أو أسلمت إليك هذه الدراهم في خياطة هذا وفي دابة صفتها كذا أو في حملي إلى مكة ( فيقول ) المخاطب متصلا ( قبلت أو استأجرت أو اكتريت ) ومن الكناية اسكن داري شهرا بكذا أو جعلت لك منفعتها سنة بكذا ومنها الكتابة وتنعقد باستيجاب وإيجاب وبإشارة أخرس مفهمة وأفهم كلامه أنه لا بد من التأقيت وذكر الأجرة لانتفاء الجهالة حينئذ ولا يشترط عندهما وإن نوزعا فيه أن يقول من الآن ومورد إجارة العين والذمة المنافع ؛ لأنها المقصودة لا العين التي هي محلها عند الجمهور وقول الشيخين الخلاف غير محقق إذ لا بد من النظر لكل منهما اتفاقا نازعوهما فيه بأن له فوائد [ ص: 124 ] لكن نظر في أكثرها ومن جملتها الذي لم ينظر فيه قوله

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله في المتن أو ملكتك منافعه سنة ) أو عارضتك منفعة هذه الدار بمنفعة تلك م ر ( قوله والظرفية تقتضي خلاف ذلك ) ينظر وجه هذا [ ص: 124 ] الاقتضاء وعليه فيرد على ما قدره ؛ لأن الانتفاع أمر موهوم الآن مع أن معنى انتفع استوف منافعه وبالجملة فدعوى هذا الاقتضاء مما لا سند لها إلا مجرد التخيل وما تقول في نحو لله علي أن أصوم هذه السنة أو أن أعتكف هذا اليوم فإن كلا من الصوم والاعتكاف أمر موهوم الآن مع ظرفية السنة واليوم لهما بالإجماع ظرفية لا شبهة في صحتها لأحد ( قوله ومن جملتها ) حال من المبتدأ على قول والمبتدأ هو قوله الذي وخبره قوله



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              قول المتن ( والصيغة ) مبتدأ لا معطوف وما بعده خبره وهو قوله آجرتك إلخ ا هـ مغني هذا في المتن ، وأما في الشرح فخبره قوله لا بد منها هنا وقول المتن ( آجرتك إلخ ) مبتدأ مؤخر و ( قوله فمن الصريح ) خبره ( قوله لا بد منها ) إلى قوله وقول الشيخين في النهاية إلا قوله عندهما وإن نوزعا فيه قول المتن ( هذا ) أي الثوب مثلا ا هـ مغني قول المتن ( أو ملكتك إلخ ) أو عاوضتك منفعة هذه الدار سنة بمنفعة دارك ا هـ نهاية ( قوله ليس ظرفا ) إلى قول المتن والأصح في المغني إلا قوله وأفهم إلى ولا يشترط وقوله عندهما وإن نوزعا فيه وقوله لكن نظر في أكثرها وقوله الذي لم ينتظر فيه ( قوله بل لمقدر إلخ ) عبارة المغني بل المعنى آجرتك واستمر أنت على ذلك سنة ، كما قيل بذلك في قوله تعالى { فأماته الله مائة عام } والمعنى فأماته الله واستمر على ذلك مائة عام وإلا فزمن الإماتة يسير ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله على القول به ) قضيته أن ثم أي في الآية من لا يقدر محذوفا فلا تكون مما نحن فيه ا هـ ع ش وأشار إلى القولين البيضاوي بقوله فألبثه الله ميتا مائة عام أو أماته فلبث ميتا مائة عام ا هـ

                                                                                                                              ( قوله على القول به في الآية ) الأسبك الأخصر أن يؤخره فيقول عقب الآية على القول به فيه ( قوله أمر موهوم ) أي معدوم غير محقق في الخارج ( قوله والظرفية تقتضي إلخ ) أطال سم في منعه وأقره ع ش ( قوله خلاف ذلك ) أي خلاف الموهوم بأن يكون المظروف محققا ا هـ ع ش ( قوله أولى ) أي إن جعل ظرفا لمنافعه و ( قوله متعينا ) أي إن جعل ظرفا لآجر وما بعده ا هـ ع ش ( قوله وتختص إجارة الذمة بنحو إلخ ) أي تنفرد إجارة الذمة عن إجارة العين بنحو إلخ فالباء داخل على المقصور ( قوله بنحو ألزمت ذمتك ) أي كذا وكان الأولى أن يذكره وخرج به ما لو قال ألزمتك فإنه إجارة عين كما نقل سم على منهج عن الدميري إنه أقرب احتمالين ا هـ ع ش ( قوله أو أسلمت إلخ ) يعني ينعقد إجارة الذمة بلفظ السلم ؛ لأنها نوع منه ا هـ كردي ( قوله باستيجاب ) كآجرني

                                                                                                                              ( قوله وأفهم كلامه إلخ ) أي حيث اشتمل على ذكر سنة وذكر بكذا فقوله لانتفاء الجهالة إلخ علة لمقدر لا للإفهام أي وهو كذلك لانتفاء إلخ ( قوله أن يقول إلخ ) نائب فاعل يشترط ( قوله لا العين ) عطف على المنافع ( قوله عند الجمهور ) متعلق بمعنى الفعل المفهوم من نسبة الخبر إلى المبتدأ في قوله ومورد إجارة إلخ المنافع فكان الأنسب ذكره عقب ذلك ( قوله لكل منهما ) أي المنفعة والعين ( قوله نازعوهما إلخ ) عبارة المغني نازع في ذلك ابن الرفعة بأن في البحر وجها [ ص: 124 ] أن حلي الذهب لا تجوز إجارته بالذهب وحلي الفضة لا تجوز إجارته بالفضة ولا يظهر له وجه إلا على التخريج بأن المؤجر العين وقد صار خلافا محققا ونشأ منه الاختلاف في هذا الفرع ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله لكن نظر في أكثرها ) أي الفوائد ( قوله ومن جملتها ) حال من المبتدأ على قول ، والمبتدأ هو قوله الذي وخبره قوله إلخ ا هـ سم ويجوز أن يكون من جملتها خبرا لقوله قوله ويكون الذي نعتا لجملتها التي لا تستعمل إلا بالتاء فتذكر وتؤنث كالمعرفة والنكرة .




                                                                                                                              الخدمات العلمية