الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 331 ] قال ( وإذا اشترى الرجلان عبدا على أنهما بالخيار فرضي أحدهما فليس للآخر أن يرده ) عند أبي حنيفة ، وقالا : له أن يرده ، وعلى هذا الخلاف خيار العيب وخيار الرؤية ، لهما أن إثبات الخيار لهما إثباته لكل واحد منهما فلا يسقط بإسقاط صاحبه لما فيه من إبطال حقه . وله أن المبيع خرج من ملكه غير معيب الشركة ، فلو رده أحدهما رده معيبا به وفيه إلزام ضرر زائد ، [ ص: 332 ] وليس من ضرورة إثبات الخيار لهما الرضا برد أحدهما لتصور اجتماعهما على الرد . .

التالي السابق


( قوله وإذا اشترى الرجلان عبدا ) مثلا ( على أنهما بالخيار ورضي أحدهما بالبيع ) بطل خيار الآخر ( فليس له أن يرده عند أبي حنيفة رحمه الله ، وقالا : له أن يرده ، وعلى هذا الخلاف خيار العيب والرؤية ) بأن اشترى الرجلان شيئا فاطلعا على عيب فرضي به أحدهما دون الآخر لم يكن للآخر رده عنده ، وعندهما له ذلك أو اشتريا ولم يريا فعند الرؤية رضي أحدهما دون الآخر ( ولهما أن إثبات الخيار لهما إثباته لكل منهما يسقط حقه بإسقاط صاحبه ) حقه ( وله أن المبيع خرج عن ملكه غير معيب بعيب الشركة فلو رده أحدهما رده معيبا به وفيه إلزام ضرر زائد ) [ ص: 332 ] فإن البائع كان بحيث ينتفع به متى شاء كيف شاء فصار بحيث لا يقدر على ذلك إلا بطريق المهايأة ، والخيار ما شرع لدفع الضرر عن أحدهما بإلحاق الضرر بالآخر . فإن قيل : هذا الضرر حصل في ملك البائع . قلنا ممنوع ; لأنه بعد خروجه عن ملكه فإن مع خيار المشتري يخرج المبيع عن ملك البائع . فإن قيل : لما شرط الخيار لهما فقد رضي بهذا العيب . أجيب أنه إنما رضي به في ملكهما . فإن قيل : بل رضي به مطلقا ; لأن الخيار معلوم أنه قد يكون عند فسخ وقد يكون عند إبرام فشرطه رضا بكل من الأمرين . أجاب عنه المصنف بقوله ( وليس من ضرورة إلى آخره ) يعني لا يلزم من كونه شرطه لهما أن يكون راضيا بفسخ أحدهما لجواز كونه لرضاه بفسخهما ، فإذا جاز هذا كان هو الظاهر ، والظاهر أن التصرف من العاقل إذا احتمل كلا من أمرين في أحدهما ضرر دون الآخر أنه إنما أراد المحتمل الذي لا ضرر فيه ; لأن الظاهر بل اللازم عدم قصد العاقل إلى ما يضره بلا فائدة .




الخدمات العلمية