الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال ( وليس للبائع في البيع الفاسد أن يأخذ المبيع حتى يرد الثمن ) ; لأن المبيع مقابل به فيصير محبوسا به كالرهن [ ص: 470 ] ( وإن مات البائع فالمشتري أحق به حتى يستوفي الثمن ) ; لأنه يقدم عليه في حياته ، فكذا على ورثته وغرمائه بعد وفاته كالراهن ثم إن كانت دراهم الثمن قائمة يأخذها بعينها ; لأنها تتعين في البيع الفاسد ، وهو الأصح ; لأنه بمنزلة الغصب ، وإن كانت مستهلكة أخذ مثلها لما بينا .

التالي السابق


( قوله وليس للبائع في البيع الفاسد أن يأخذ المبيع حتى يرد الثمن ) قيل يعني القيمة التي أخذها من المشتري وليس بلازم بل قد يكون ذلك أو الثمن الذي تراضيا عليه كيف كان ليس له أخذه حتى يرد ما أخذه ( لأن المبيع مقابل به فيصير محبوسا به كالرهن ) وعلى هذا الإجارة الفاسدة والرهن الفاسد والقرض [ ص: 470 ] الفاسد اعتبارا بالعقد الجائز إذا تفاسخا فللمستأجر أن يحبس ما استأجره حتى يأخذ الأجرة التي دفعها للمؤجر . وكذا المرتهن حتى يقبض الدين ; لأن هذه عقود معاوضة فتجب التسوية بين البدلين ( ولو مات البائع ) بيعا فاسدا أو المؤجر إجارة فاسدة أو الراهن أو المقبوض كذلك ، فالذي في يده المبيع أو الرهن أحق بثمنه من غرماء الميت ( لأنه مقدم عليه في حياته ، فكذا على ورثته وغرمائه بعد وفاته ) إلا أن الرهن مضمون بقدر الدين والمشتري بقدر ما أعطى فما فضل فللغرماء ، بخلاف ما إذا مات المحيل وعليه دين ولم يقبض المحتال الدين أو الوديعة من المحال عليه فإنه لا يختص المحتال بدين الحوالة أو الوديعة مع أن دين المحيل صار مشغولا بحق المحتال كما في الرهن ; لأن الاختصاص إنما يوجبه ثبوت الحق مع اليد لا مجرد الحق ولا يد للمحتال ( ثم إن كانت دراهم الثمن ) التي دفعها ( قائمة يأخذها ) المشتري ( بعينها ; لأنها تتعين في البيع الفاسد وهو الأصح ) خلافا لما ذكر أبو حفص أنها لا تتعين كما في البيع الصحيح وهو رواية كتاب الصرف ، ورواية أبي سليمان تتعين وهو الأصح ، لكن سيأتي ما يقوي رواية أبي حفص ( ; لأن البيع الفاسد بمنزلة الغصب ) والثمن في يد البائع بمنزلة المغصوب ( وإن كانت مستهلكة ) قال المصنف رحمه الله تعالى ( له أخذ مثلها ) وكذا ذكر قاضي خان .

وذكر في الفوائد الظهيرية وفخر الإسلام وجماعة من شروح الجامع الصغير أنه يباع المبيع لحق المشتري ، فإن فضل شيء عما دفعه يصرف إلى الغرماء ، ولا شك أنه غير لازم ; لأن الواجب له بعد الاستهلاك مثل حقه المستهلك وهو الدراهم




الخدمات العلمية