الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 491 ] ولو أقال بغير جنس الثمن الأول فهو فسخ بالثمن الأول عند أبي حنيفة رحمه الله ويجعل التسمية لغوا عندهما بيع لما بينا ، ولو ولدت المبيعة ولدا ثم تقايلا فالإقالة باطلة عنده لأن الولد مانع من الفسخ ، وعندهما تكون بيعا والإقالة قبل القبض في المنقول ، وغيره فسخ عند أبي حنيفة رحمه الله ومحمد رحمه الله ، كذا عند أبي يوسف رحمه الله في المنقول لتعذر البيع ، وفي العقار يكون بيعا عنده لإمكان البيع ، فإن بيع العقار قبل القبض جائز عنده .

التالي السابق


( قوله ولو أقال بغير الثمن الأول ) بأن كان دراهم فأقال على دنانير تبلغ قيمتها قدرها ( فهو فسخ بالثمن الأول عند أبي حنيفة وتجعل التسمية لغوا ، وعندهما بيع لما بينا ) أنه عند أبي يوسف بيع وعند محمد إذا تعذر جعله فسخا جعل بيعا ( قوله ولو ولدت المبيعة ولدا ) يعني بعد القبض ( ثم تقايلا فالإقالة باطلة عنده ; لأن الولد ) زيادة منفصلة والزيادة المنفصلة إذا كانت بعد القبض يتعذر معها الفسخ حقا للشرع ، بخلاف ما قبل القبض ، والحاصل أن الزيادة متصلة كانت كالسمن أو منفصلة كالولد والأرش والعقر إذا كانت قبل القبض لا تمنع الفسخ والرفع ، وإن كانت بعد القبض متصلة فكذلك عنده ، وإن كانت منفصلة بطلت الإقالة لتعذر الفسخ معها ، والإقالة لا تصح على قوله إلا فسخا ( وعندهما تكون بيعا ) ومن ثمرات الخلاف أنهما لو تقايلا في منقول فقبل أن يسترد [ ص: 492 ] المبيع من المشتري باعه من المشتري ثانيا جاز البيع ، خلافا لأبي يوسف ; لأن الممتنع البيع قبل القبض في البيع لا الفسخ ، ولو باعه من غير المشتري لا يجوز اتفاقا ; لأنه بيع في حق الغير .

ولو كان غير منقول جاز بيعه من غير المشتري في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ، وثمرة كونها بيعا في حق غيرهما في مواضع أيضا : منها أن المبيع لو كان عقارا له شفيع فسلم الشفعة في أصل البيع ثم تقايلا وعاد إلى ملك البائع للشفيع أن يطلب الشفعة في الإقالة اتفاقا ، ومنها أن المبيع لو كان صرفا كان التقابض من الجانبين شرطا في صحة الإقالة لإقالة مستحق الشرع فكانت بيعا جديدا في حق الشرع ، ومنها أنه لو اشترى شيئا فقبضه قبل نقد الثمن فباعه من آخر ثم تقايلا وعاد إلى المشتري ثم إن البائع اشتراه من المشتري بأقل من الثمن قبل النقد جاز ويجعل في حق البائع كأنه ملكه بسبب جديد ، ومنها أن السلعة لو كانت هبة في يد البائع ثم تقايلا فليس للواهب الرجوع على البائع لأن البائع في حق الواهب كأنه اشتراه .




الخدمات العلمية