الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ثم خيار الرؤية غير مؤقت بل يبقى إلى أن يوجد ما يبطله ، وما يبطل خيار الشرط من تعيب أو تصرف يبطل خيار الرؤية ، ثم إن كان تصرفا لا يمكن رفعه كالإعتاق [ ص: 341 ] والتدبير أو تصرفا يوجب حقا للغير كالبيع المطلق والرهن والإجارة يبطله قبل الرؤية وبعدها ; لأنه لما لزم تعذر الفسخ فبطل الخيار وإن كان تصرفا لا يوجب حقا للغير كالبيع بشرط الخيار ، والمساومة والهبة من غير تسليم لا يبطله قبل الرؤية ; لأنه لا يربو على صريح الرضا ويبطله بعد الرؤية لوجود دلالة الرضا .

التالي السابق


( قوله ثم خيار الرؤية غير موقت ) بوقت خلافا لما ذهب إليه بعض المشايخ من أنه مؤقت بعد الرؤية بقدر ما يتمكن فيه من الفسخ ، فإذا تمكن من الفسخ بعد الرؤية فلم يفسخ بطل خياره ولزم البيع فيه ، والمختار أنه لا يتوقت ( بل يبقى إلى أن يوجد ما يبطله ، و ) يبطله ( ما يبطل خيار الشرط من تعيب ) يعني بعد الرؤية ( أو تصرف يبطل خيار الرؤية ) بقيد تفصيل نذكره في التصرف لا مطلقا فلذا وصله بقوله ( ثم إن كان تصرفا لا يمكن رفعه ) للمتصرف ( كالإعتاق ) للعبد الذي اشتراه [ ص: 341 ] ولم يره ( وتدبيره أو تصرفا يوجب حقا للغير ) كالبيع ولو بشرط الخيار للمشتري لخلوص الحق فيه للمشتري .

وقوله ( كالبيع المطلق ) إنما يريد به المطلق عن شرط الخيار للبائع ; لأن به لا يخرج المبيع عن ملكه وكالهبة مع التسليم ( والرهن والإجارة يبطل خيار الرؤية ) سواء وجدت بعد الرؤية أو قبلها ; لأن هذه الحقوق مانعة من الفسخ .

( وإذا تعذر الفسخ شرعا بطل الخيار ) ووجب تقدير قيد في الحديث فيكون قوله صلى الله عليه وسلم { له الخيار إذا رآه } مقيدا بما إذا لم يوجب موجب شرعي عدمه إذا رآه ، وحاصله تقدير مخصص بالعقل ( وإن كان تصرفا لا يوجب حقا للغير كالبيع بشرط الخيار ) للبائع ( والمساومة ، وهبته بلا تسليم لا يبطله قبل الرؤية ) لأنه لو أبطل الخيار كان باعتبار دلالته على [ ص: 342 ] الرضا ، وصريح الرضا قبل الرؤية لا يبطل الخيار فبدلالته أولى ، ويبطله بعد الرؤية لوجود دلالة الرضا .

ولما كان قوله وما يبطل خيار الشرط يبطله مقيدا بالتفصيل المذكور سقط الاعتراض بالأخذ بالشفعة وبالعرض على البيع ، فإنهما إذا وجدا من المشتري الذي له خيار الشرط يبطل خياره ولا يبطل بهما خيار الرؤية ، بل له أن يأخذ بالشفعة ثم يرد الدار عند الرؤية لما ذكرنا من أن دلالة الرضا لا تعمل في إسقاط خيار الرؤية قبل الرؤية ثم في التصرف الذي تعلق فيه حق الغير لو عاد إلى ملكه برد بقضاء أو بفك الرهن أو فسخ الإجارة قبل الرؤية ثم رآه لا خيار له ; لأنه سقط فلا يعود إلا بسبب جديد إلا في رواية عن أبي يوسف ، وثبوت الخيار له بظاهر النص تقدم وجوب تخصيصه فكانت هذه الرؤية الكائنة بعد العود من محال التخصيص .

ومما يسقط خيار الرؤية أن يقبضه إذا رآه لدلالة القبض بعد الرؤية على الرضا به




الخدمات العلمية