الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ 5239 ] وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حدثنا أبو الحسن الطرائقي ، وأبو محمد الكعبي ، حدثنا إسماعيل بن قتيبة ، حدثنا يزيد بن صالح ، حدثنا بكير بن معروف ، عن مقاتل بن حيان قال : بلغنا والله أعلم في قوله : ( يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود ) .

يقول : ( أوفوا بالعقود ) يعني : العهد الذي كان عهد إليهم في القرآن فيما أمرهم ، من طاعته ، أن يعملوا بها ، ونهيه الذي نهاهم عنه وبالعهد ، الذي بينهم وبين المشركين ، وفيما يكون من العهود بين الناس .

وقوله : ( أحلت لكم بهيمة الأنعام ) ، يعني : الإبل ، والبقرة ، والشاة .

( إلا ما يتلى عليكم ) : يعني ما حرم عليكم في هذه الآية : ( الميتة والدم ، ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به ) ، كان هذا حراما منذ خلق الله السماوات والأرض ، ( والمنخنقة ) إذا أوثقت الشاة ، أو غيرها ، فاختنقت فقتلها خناقها .

[ ص: 432 ] ( والموقوذة ) ، كانت الشاة أو غيرها ، من الأنعام تضرب بالخشب ، حتى توقذ فتقتل لآلهتهم .

( والمتردية ) الشاة أو غيرها ، تردى في بئر ، أو من جبل ، فتموت .

( والنطيحة ) الشاة أو غيرها من ذات القرون ، فتنطح إحداهما الأخرى فتموت ، فكان أهل الجاهلية ، يأكلون هذا كله ، فحرم الله تبارك وتعالى عليهم في الإسلام ، فما كان من شيء هذا يدرك ذكاته فذكي ، فهو حلال بعد أن يطرك ، أو يتحرك .

قوله : ( وما ذبح على النصب ) ، فهي الحجارة كانوا يذبحون عليها لآلهتهم .

( وما أهل لغير الله به ) ما ذبح لآلهتهم .

( وأن تستقسموا بالأزلام ) ، وهي القداح كان أهل الجاهلية يستقسمون بها في أمورهم ، فجمع الله تبارك وتعالى ، هذا كله فحرمه .

فقال : ( ذلكم فسق ) ، يقول : ركوب شيء من هذا معصية للرب تبارك وتعالى .

وهكذا فيما روينا عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس ، في تفسير قوله : ( إلا ما ذكيتم ) ، غير أنه قال : في موضع آخر من الكتاب ، ( إلا ما ذكيتم ) يقول : ما ذكيتم من هؤلاء ، وبه روح ، فكلوه فهو ذبيح .

قال الشيخ أحمد رضي الله عنه : " ثم إن الله عز وجل ، استثنى من الذين حرم عليهم الميتة المضطر ، فقال : ( فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لإثم فإن الله غفور رحيم ) ، وقال في آية أخرى : ( فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه ) .

يقول : غير قاطع السبيل ، ولا مفارق الأئمة ، ولا خارج في معصية الله عز وجل .

وروينا في الخبر أنه استثنى من الميتة والدم ، فقال : " أحلت لنا ميتتان ودمان ، فأما الميتتان : فالحوت والجراد ، وأما الدمان : فالكبد والطحال " .

[ ص: 433 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية