الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                      صفحة جزء
                                                      تنبيه : [ العقل عند المعتزلة يوجب ويحرم ] ظاهر النقل السابق عنهم أن العقل يوجب ويحرم على جهة الاستقلال واستدلالهم بالآية { وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا } يقتضيه . يقتضيه ، والتحقيق في ذلك عن المعتزلة : أن الفعل إن اشتمل على مصلحة [ ص: 190 ] خالصة أو راجحة اقتضى العقل أن الله تعالى طلبه ، وإن اشتمل على مفسدة خالصة أو راجحة اقتضى العقل أن الله تعالى طلب تركه ، وإن تكافأت مصلحة الفعل ومفسدته أو تجرد عنهما أصلا كان مباحا وليس حكما شرعيا عندهم ، لثبوته قبل ورود الشرع ، وأن العقل أدرك أن الله تعالى يجب له بحكمته البالغة أن لا يدع مصلحة في وقت ما إلا أوجبها وأثاب عليها ، ولا يدع مفسدة في وقت ما إلا حرمها ، وعاقب عليها تحقيقا لكونه حكيما ، وإلا لفاتت الحكمة في جانب الربوبية . فعندهم إدراك العقل لما ذكرنا من قبل الواجبات للعقل لا من قبل الجائزات كما نقول . وليس مرادهم أن الأوصاف مستقلة بالأحكام ، ولا أن العقل يوجب ويحرم ، وهذا هو الحق في تقرير مذهبهم وتلخيص النزاع ، وهو المفهوم من كلام الصيرفي السابق وحاصل كلام القرافي أيضا . والأصوليون الناقلون لهذه المسألة قد أحالوا المعنى ، ونقلوا عن المعتزلة ما لا ينبغي لقائل أن يقوله .

                                                      التالي السابق


                                                      الخدمات العلمية