الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                      صفحة جزء
                                                      ( المسألة ) الرابعة عشرة استشكل الجمع بين قول الأصوليين إن فرض الكفاية يسقط بفعل البعض ، وقول الفقهاء : لو صلى على الجنازة طائفة ثانية وقعت صلاتهم فرضا أيضا ، وإذا سقط الفرض بالأولى كيف تقع الصلاة الثانية فرضا ؟ ، وأجاب النووي في باب الجنائز من " شرح المهذب " فقال : عبارة المحققين : " يسقط الحرج عن الباقين " أي لا حرج عليهم في ترك هذا الفعل ، فلو فعلوه وقع فرضا كما لو فعلوه مع الأولين دفعة واحدة ، وأما عبارة من يقول : سقط الفرض عن الباقين ، فمعناه سقط حرج الفرض وإثمه . ا هـ . قلت : وهي عبارة الشافعي في " الرسالة " ويشهد له ما قاله المتولي : [ ص: 335 ] إن الطائفة الثانية تنوي بصلاتهم الفرض ; لأن فعل غيرهم أسقط عنهم الحرج لا الفرض ، وهذا قد ينكره الشادي في العلم ، ويقول : لا معنى للفرض إلا الذي يأثم بتركه ، فإذا كان بعد فعل الأولى لا يلحق الثانية حرج على الترك ، فلا معنى لبقاء الفرض في حقهم ، وقد أجيب عنه بأن فرض الكفاية على قسمين : أحدهما : ما يحصل تمام المقصود منه ولا يقبل الزيادة ، فهذا هو الذي يسقط بفعل البعض ، والثاني : يتجدد مصلحته بتكرار الفاعلين له كالاشتغال بالعلم ، وحفظ القرآن ، وصلاة الجنازة ; لأن مقصودها الشفاعة ، فهذه الأمثلة ونحوها كل أحد مخاطب به ، وإذا وقع يقع فرضا تقدمه غيره أو لم يتقدمه ، ولا يجوز له تركه إلا بشرط قيام غيره به ، فإذا قام غيره به جاز الترك وارتفع الحرج .

                                                      التالي السابق


                                                      الخدمات العلمية