الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                      صفحة جزء
                                                      [ التنبيه ] الثاني [ أقسام الواجب ] الوجوب يطلق تارة بمعنى الثبوت في الذمة وهو شائع في إطلاق الفقهاء ، وتارة بمعنى وجوب الأداء ، وهو اصطلاح المتكلمين . فالواجب أقسام : أحدها : ما يثبت في الذمة ، ويطالب بأدائه كالدين على الموسر ونحوه . وثانيها : ما يثبت في الذمة ، ولا يطالب بأدائه ، كالزكاة بعد الحول وقبل التمكن . الثالث : ما لا يثبت في الذمة ، ولكن يجب أداؤه كقول أصحابنا : إن الدعوى بالدية المأخوذة من العاقلة لا تتوجه عليهم بل على الجاني نفسه .

                                                      ثم هم يدفعونها بعد ثبوتها كذا قاله ابن القاص في كتاب أدب القضاء " في باب صفة اليمين على البت ، وفي كلام الرافعي ما يؤيده ، وكقول أبي إسحاق في اللقطة : إذا تلفت لا يضمن حتى يطالب بها المالك ، وقد يجيء خلافه في القسم الثاني ، أعني هل يثبت الوجوب مع عسر الأداء أو يشترط له إمكان الأداء ؟ من الخلاف في زكاة الثمر أنها تجب ببدو الصلاح مع أن الأداء إنما يكون عند الجفاف . [ ص: 238 ] وحكى صاحب التقريب " قولا للشافعي : أنها لا تجب إلا بالجفاف ، وزعم أن وجوب الزكاة في وقت وجوب تأديتها ، ولا يتقدم على الأمر بالأداء ، وهو يشبه القول بأن الإمكان من شرائط الرجوب ، والمذهب : الأول ، فإنه لا ينكر بثبوت الوجوب مع عسر الأداء ، كما في الديون المؤجلة .

                                                      وجزم الأصحاب بأن إمكان الأداء شرط في وجوب الصلاة والصوم والحج ، وأما في الزكاة ففيها قولان : أحدهما : كذلك ، وأصحهما : أنه ليس من شرائط الوجوب بل الضمان ، قال في البسيط " : ووجوب الحق في الذمة يتميز عن أدائه ، وإخراجه ، فوجوب الأداء متوقف على الإمكان ، أما ثبوت الوجوب في الذمة فينبني على السبب وقد جرى .

                                                      التالي السابق


                                                      الخدمات العلمية