الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 216 ] ولهم الاجتياز بمال للعنوي أربعة دنانير ، أو أربعون درهما في سنة والظاهر آخرها ، ونقص الفقير بوسعه ، ولا يزاد ، وللصلحي ما شرط ، وإن أطلق فكالأول والظاهر إن بذل [ ص: 217 ] الأول حرم قتاله مع الإهانة عند أخذها

[ ص: 216 ]

التالي السابق


[ ص: 216 ] ( و لهم ) أي الكفار عنويين أو صلحيين ( الاجتياز ) أي المرور بجزيرة العرب ، وظاهر ولو لغير حاجة ، ولهم إقامة ثلاثة أيام إن احتاجوا لها لدخولهم أيام عمر " رضي الله عنه " بجلبهم طعاما من الشام إلى المدينة المنورة بنور النبي صلى الله عليه وسلم وضربه لهم ثلاثة أمام يستوفون ثمنه وينظرون في حوائجهم ، ومنع سكنى أحرارهم بالجزيرة ظاهر من المصنف ، وكذا عبيدهم على أحد قولين ( بمال للعنوي ) أي على الكافر الذي فتحت بلده بالعنوة أي القهر والقتال ( أربعة دنانير ) شرعية إن كان من أهل الذهب ( أو أربعون درهما ) شرعيا إن كان من أهل الفضة فإن كان من أهلهما اعتبر الأغلب إن كان وإلا خير الإمام ( في ) كل ( سنة ) قمرية .

( والظاهر ) عند ابن رشد أخذها ( آخرها ) أي السنة إن كان يحصل له اليسار فيه ، فإن كان إنما يحصل له اليسار أولها أخذت فيه لتأدية تأخيرها لآخرها لسقوطها ( ونقص ) بضم فكسر وإهمال الصاد ( الفقير ) من الأربعة دنانير أو الأربعين درهما وأخذ منه ( بوسعه ) ولو درهما وسقط عنه ما ليس في وسعه ، فإن أيسر بعد فلا يؤخذ منه ( ولا يزاد ) على الأربعة دنانير أو الأربعين درهما لكثرة يسار الذمي ( وللصلحي ) أي على الكافر الذي منع نفسه وبلده من استيلاء المسلمين عليهما وصالحهم ( ما شرط ) بضم فكسر في عقد الصلح بينه وبين الإمام سواء كان قدر الجزية العنوية أو أكثر أو أقل ( وإن أطلق ) بضم الهمز وكسر اللام نائبه ضمير الصلح أي لم يبين فيه قدر المال المصالح عليه ( ف ) الصلحي ( كالأول ) أي العنوي في أن على كل واحد أربعة دنانير أو أربعين درهما .

( والظاهر ) عند ابن رشد من الخلاف ( إن بذل ) أي دفع الصلحي للإمام القدر [ ص: 217 ] الأول ) أي أربعة دنانير أو أربعين درهما بعد وقوع الصلح مطلقا وجب قبوله منه و ( حرم ) رده عليه و ( قتاله ) ابن رشد نص ابن حبيب في الواضحة وغيره أن الجزية الصلحية لا حد لها إلا ما صالح عليه الإمام من قليل أو كثير ، وهو كلام فيه نظر ، أنه لا حد لأقل ما يلزم أهل الحرب الرضا به لأنهم مالكون لأمرهم وإن لأقلها حدا إذا بذلوه لزم الإمام قبوله وحرم عليه قتالهم لقوله تعالى { حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون } ولم أر لأصحابنا في ذلك حدا .

والذي يأتي على المذهب عندي أقلها ما فرض عمر " رضي الله عنه " على أهل العنوة فإذا بذل ذلك أهل الحرب في الصلح على أن يؤدوه عن يد وهم صاغرون لزم الإمام قبوله وحرم عليه قتالهم ، وله أن يقبل منهم في الصلح أقل من ذلك وهم أغنياء . ا هـ . فقد خالف ابن رشد ابن حبيب في قوله لا حد لها إلا ما صالح عليه الإمام إذ يقتضي أنهم إذا بذلوا له قدر العنوية فله أن لا يصالحهم ، وعند ابن رشد يلزمه ويحرم عليه قتالهم ، وعليه درج المصنف في قوله والظاهر إن بذل الأول إلخ ، وبه تعلم أن الصواب تعليق قوله مع الإهانة ببذل ليحرز قيد ابن رشد ، ولا يقال درج المصنف أولا على قول ابن حبيب ثم ذكر ما لابن رشد على أنه مخالف له كما قيل إذ عادته في مثل هذا أن يقول والظاهر خلافه على أن كلام ابن رشد يمكن أنه تفسير لكلام ابن حبيب وإن قال فيه نظر والله أعلم أفاده الرماصي وتبعه البناني تت تنكيت إتيانه بصيغة الاسم في الموضعين غير بين ( مع الإهانة ) لهم ( عند أخذها ) منهم بالغلظة والشدة لا على وجه التملق والرفق لقوله تعالى { حتى يعطوا الجزية عن يد } أي استعلاء منكم عليهم أو نقدا يدا بيد ولا يرسلون بها { وهم صاغرون } ماشون كارهون قاله ابن عباس وسلمان رضي الله تعالى عنهم مذمومون غير محمودين ولا مأجورين ، وهو أنه إذا أداها صفع على قفاه ويؤخذ من هذا ومن كلامهم عدم قبولها من نائب إذ المقصود حصول الإهانة والإذلال لكل واحد بعينه عسى أن يكون مقتضيا لرغبتهم في الإسلام .




الخدمات العلمية