الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 58 ] وبجمع الأسواط في لأضربنه كذا ، وبلحم الحوت ، وبيضه ، وعسل الرطب في مطلقها وبكعك ، وخشكنان ، [ ص: 59 ] وهريسة وإطرية في خبز ، لا عكسه ، وبضأن ومعز وديكة ، ودجاجة في غنم ، ودجاج ، لا بأحدهما ، في آخر ، وبسمن استهلك في سويق ، وبزعفران في طعام لا بكخل طبخ ، [ ص: 60 ] وباسترخاء لها في لا قبلتك أو قبلتني ، وبفرار غريمه في لا فارقتك ، أو فارقتني إلا بحقي ، ولو لم يفرط ، وإن أحاله ، وبالشحم في اللحم لا العكس

التالي السابق


( و ) لا يبر من حلف ليضربن عبده مثلا مائة سوط ( بجمع الأسواط ) المائة وضربه ضربة واحدة ( في ) حلفه ( لأضربنه ) أي العبد مثلا ( كذا ) أي مائة مثلا ولا يحتسب بالضربة الحاصلة منها إن لم تؤلم كإيلام المنفرد وإلا حسبت واحدة وينبغي تقييد عدم بره بجمعها بما إذا لم يكن كل سوط منفردا عن الآخر فيما عدا محل مسكه ، ويؤلم إيلام المنفرد أو قريبا منه وإلا فيبر بجمعها ، ومثل جمعها في عدم البر به ضربه العدد المحلوف عليه بخفة ، وكذا ضربه نصف العدد المحلوف عليه بسوط له رأسان لكنه يبنى عليه قاله التونسي ، وينبغي تقييده بما تقدم والله أعلم .

( و ) حنث ( ب ) أكل ( لحم الحوت ) والطير لأن اسم اللحم يشملهما قال الله تعالى { لتأكلوا منه لحما طريا } ، وقال تعالى { ولحم طير } إلا لنية أو بساط ( و ) حنث بأكل ( بيضه ) أي الحوت كترس وتمساح ( و ) حنث بأكل ( عسل الرطب في ) حلفه على عدم أكل ( مطلقها ) أي اللحم والبيض والعسل المطلقة عن تقييدها بكونها لنعم ودجاج ونحل وقصب بلفظ أو نية أو بساط ، فإن قيدت بشيء من هذه فلا يحنث بما تقدم .

( و ) حنث ( ب ) أكل ( كعك وخشكنان ) بفتح الخاء المعجمة وسكون الشين [ ص: 59 ] المعجمة وكسر الكاف اسم أعجمي معناه كعك محشو بسكر ( وهريسة ) بفتح الهاء وكسر الراء طعام متخذ من قمح ولحم بطبخهما حتى يمتزجا ثم يعركونهما بعصا غليظة الرأس حتى يصيرا كالعصيدة ويأكلونها بالسمن ومن شبع منها يبقى يوما وليلة لا يشتهي طعاما ( وإطرية ) بكسر الهمز وسكون الطاء المهملة وكسر الراء تليها مثناة تحتية مخففة طعام كالخيوط من دقيق قيل هي التي تسمى في زمننا بالشعيرية وقيل بالرشتة ( في ) حلفه على عدم أكل ( خبز ) وما ذكره المصنف من الحنث بلحم الحوت وما بعده لا يجري على عرفنا الآن والجاري عليه عدم حنثه بما ذكر ( لا ) يحنث في ( عكسه ) وهو حلفه على عدم أكل شيء من هذه الأشياء الخاصة ويأكل الخبز .

( و ) حنث ( ب ) أكل لحم ( ضأن و ) لحم ( معز و ) لحم ( ديكة ) بكسر الدال المهملة وفتح المثناة جمع ديك ذكر الدجاج ( و ) لحم ( دجاجة ) أنثى ( في ) حلفه على عدم أكل لحم ( غنم ) راجع لضأن ومعز ( و ) حلفه على عدم أكل لحم ( دجاج ) راجع لديكة ودجاج ( لا ) يحنث ( ب ) أكل لحم ( أحدهما ) أي الضأن والمعز أو الديكة والدجاجة ( في ) حلفه على عدم أكل ( الآخر و ) حنث ( ب ) أكل ( سمن استهلك ) بضم المثناة وكسر اللام ( في سويق ) أي دقيق حب مقلي لت به في حلفه لا آكل سمنا فيها لابن القاسم وإن حلف لا يأكل سمنا فأكل سويقا لت بسمن حنث وجد طعمه أو ريحه أم لا ا هـ ، هذا هو المشهور ولابن ميسر لا يحنث إن لم يجد طعمه .

( و ) حنث ( ب ) أكل ( زعفران ) استهلك ( في طعام ) في حلفه لا آكل زعفرانا لأنه لا يؤكل إلا كذلك ( لا ) يحنث ( ب ) أكل ( كخل ) ولامون ونارنج ( طبخ ) [ ص: 60 ] بضم فكسر في طعام في حلفه لا آكل خلا أو لامونا أو نارنجا فإن كان قال هذا الخل مثلا حنث بأكله مستهلكا في طعام ( و ) حنث الزوج أو السيد ( باسترخاء ) أي تمكين ( لها ) أي حليلته المحلوف على عدم تقبيلها من تقبيلها له ( في ) حلفه ( لا قبلتك ) وقبلته على فمه فقط فإن قبلته على غيره لم يحنث ، فإن قبلها حنث سواء قبلها على فمها أو غيره إلا لنية الفم ( أو ) حلفه ( لا قبلتني ) اعترض بأن مذهب المدونة حنثه بتقبيلها له في هذه سواء استرخى لها أم لا قبلته على فمه أو غيره . وأجيب بأن في مفهوم قوله باسترخاء تفصيلا وهو عدم حنثه لا في قبلتك وحنثه في لا قبلتني .

( و ) حنث ( بفرار ) بكسر الفاء أي هروب ( غريمه ) أي مدين الحالف منه قبل قبض حقه منه ( في ) حلفه ( لا فارقتك أو ) لا ( فارقتني إلا ب ) دفع ( حقي ) أو قبضه أو استيفائه منك إن فرط الحالف حتى فر غريمه بل ( ولو لم يفرط ) الحالف ويحنث بفراره إن لم يحله بل ( وإن أحاله ) أي الغريم الحالف بحقه على مدين للغريم بمثل حق الحالف فيحنث بمجرد قبول الحوالة ، ولو لم تحصل مفارقة لأنها بمنزلتها ، وظاهره ولو قبض حقه من المحال عليه بحضرة المحيل لأن معنى يمينه إلا بأخذ حقي منك ، لكن هذا خلاف عرف أهل مصر الآن .

وأما لو قال لا فارقتك أو فارقتني ولي عليك حق أو بيني وبينك معاملة ، فإنه يبر بالحوالة ، وظاهره وإن لم يقبضه بحضرته دون الرهن لا يقال فرار إكراه وهذه صيغة بر لأنا نقول لا نسلم أن الفرار إكراه ، ولئن سلمناه فلا نسلم أنها صيغة بر بل صيغة حنث لأن المعنى لألزمنك .

( و ) حنث ( ب ) أكل ( الشحم ) في حلفه على عدم أكل ( اللحم ) ; لأنه جزء اللحم وكالفرع له ولدخول تحريم شحم الخنزير في تحريم لحمه ( لا ) يحنث ب ( العكس ) [ ص: 61 ] بأن حلف لا آكل شحما فأكل لحما ; لأن اللحم ليس جزء الشحم بل أصله الذي انقلب إليه حتى صار شحما ولأن الله تعالى حرم على بني إسرائيل شحما ولم يحرم لحما .




الخدمات العلمية