الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
إلا يتيمة خيف فسادها وبلغت عشرا ، [ ص: 277 ] وشوور القاضي وإلا صح ، [ ص: 278 ] إن دخل وطال

التالي السابق


واستثنى من مفهوم البالغ فقال ( إلا يتيمة ) أي صغيرة مات أبوها ولا وصي لها فتزوج إذا ( خيف فسادها ) بفقر أو زنا أو نحوه ، وذكروا الشروط ميلها للرجال واحتياجها . ومقتضى المصنف أن غير البالغة وليست يتيمة لا تزوج مطلقا . وقال ابن حارث لا خلاف أن غير البالغ إذا قطع أبوها النفقة عنها وخشي ضيعتها أنها تزوج والمشهور أنه لا يزوجها إلا السلطان أو نائبه لأنه حكم على غائب أي إذا كانت غيبته بعيدة . وظاهره وإن لم تبلغ عشرا ولم تأذن بالقول قاله عج ، وجوابه أنه تفصيل في مفهوم " يتيمة " .

( وبلغت ) اليتيمة ( عشرا ) من السنين تامة ، ومذهب المدونة والرسالة أنها لا تزوج حتى تبلغ لكن العمل بما في المتن وهو مقدم على المشهور ، ولذا اقتصر عليه المصنف . قال في التوضيح ما حكاه ابن بشير قال ابن عبد السلام العمل عليه عندنا بشرط بلوغها عشر سنين ومشاورة القاضي ، وزاد غيره : وإذنها بالقول وميلها إلى الرجال . المتيطي وبه جرى [ ص: 277 ] العمل . ا هـ . لكن قوله المتيطي إلخ يوهم أنه في مسألة خوف الفساد التي ذكرها ابن بشير وليس كذلك ، وإنما قاله فيمن كانت محتاجة وبلغت عشرا ولم يخف عليها الفساد . ونصه وإن كانت الصغيرة تحت حاجة ملحة وهي في سن من توطأ فظاهر المذهب جواز نكاحها بإذنها وهو قول مالك رضي الله تعالى عنه في كتاب محمد في بنت عشر سنين وعليه العمل وبه الفتيا ا هـ .

والحاصل أنهما مسألتان فالتي خيف فسادها مسألة ابن بشير ونص على العمل فيها ابن عبد السلام ، والمحتاجة هي التي نص على العمل فيها . المتيطي ولم يذكرها المصنف ، لكن قد يقال يؤخذ العمل بذلك في خوف الفساد بالأحرى أفاده البناني ، على أن الشارحين أدرجوا الحاجة في خوف الفساد .

( وشوور ) بتخفيف الواو وضم الشين من المشاورة أي استأذن ( القاضي ) في تزويجها ليثبت عنده يتمها وفقرها ، وخلوها من وصي وزوج وعدة ، ورضاها بالزوج ، وأنه كفؤها في الدين والحال ، وأن الصداق مهر مثله ، وأن الجهاز الذي جهزت به مناسب لها فيأذن لولي في تزويجها ، وبقي شرط إذنها بالقول ويأتي في الأبكار التي تأذن بالقول أو يتيمة . وظاهر تقرير الشارح أنها لا تجبر وظاهر البساطي جبرها والأول ظاهر اشتراط إذنها بالقول وهو الظاهر أو المتعين .

وفي بعض التقارير أنها تزوج بعشرة شروط خشية فسادها ، وفقرها ، وبلوغها عشرا ، وميلها للرجال ، ومكافئة الزوج ، وصداق مثلها ، وجهاز مثلها ، وثبوتها عند القاضي ، ورضاها به ، وإذنها بالقول في العقد لمن يتولاه . البناني لم يذكر مشاورة القاضي . ابن رشد ولا المتيطي ولا ابن شاس ولا ابن الحاجب ولا أبو الحسن ولا غيرهم ممن تكلم على المسألة ، وإنما نقله المصنف عن ابن عبد السلام قائلا العمل عليه عندنا ، فإن أراد به الرفع له ليثبت عنده الموجبات كما قال عج وتلامذته فصحيح وإلا فغير ظاهر إذ لم يقله أحد .

( وإلا ) أي وإن لم تكمل الشروط المتقدمة وزوجت مع فقدها كلها أو بعضها ( صح ) [ ص: 278 ] تزويجها ( إن ) كان ( دخل ) الزوج بها ( وطال ) الزمان بمضي مدة تلد فيها ولدين غيره توأمين ولدتهما بالفعل أو لا ، فإن لم يدخل الزوج بها أو لم يطل فسخ على المشهور . البناني عمدة المصنف في هذا تشهير المتيطي له مع أنه لم يشهره إلا في الغنية إلا أن يكون رأى غيرها أحرى بذلك . وقال أبو الحسن المشهور هو الفسخ ، أبدا مهما اختل واحد من الشروط انظر الحط .




الخدمات العلمية