الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وللإمام المهادنة لمصلحة ; إن خلا [ ص: 229 ] عن : كشرط بقاء مسلم وإن بمال ، إلا لخوف ، ولا حد وندب أن لا تزيد على أربعة أشهر ، وإن استشعر خيانتهم نبذه وأنذرهم

التالي السابق


( و ) تجوز ( للإمام ) أو نائبه فقط ( المهادنة ) أي صلح الحربي على ترك قتاله مدة ليس هو فيها تحت حكم الإسلام ( لمصلحة ) مستوية فيها وفي عدمها فإن كانت المصلحة فيها فقط تعينت وفي عدمها فقط امتنعت فاللام للاختصاص ( إن خلا ) أي المهادنة [ ص: 229 ] وذكر نظرا لعنوان الصلح أو العقد ( عن ) شرط فاسد ، فإن اشتملت عليه ( كشرط بقاء ) أسير ( مسلم ) بأيديهم أو قرية للمسلمين خالية لهم أو حكم بين مسلم وكافر بحكمهم فلا تجوز بغير مال بل ( وإن بمال ) يدفعه الكفار للإمام لقوله تعالى { فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون } ويحتمل أن المعنى وإن كان الشرط الفاسد مصورا بمال يدفعه الإمام للحربيين .

المازري لا يهادن الإمام الحربي بإعطائه مالا لأنه عكس مصلحة شرع أخذ الجزية منهم إلا لضرورة التخلص منهم خوف استيلائهم على المسلمين ، وقد { شاور النبي صلى الله عليه وسلم لما أحاط القبائل بالمدينة سعد بن معاذ وسعد بن عبادة في أن يبذل للمشركين ثلث الثمار لما خاف أن تكون الأنصار ملت القتال ، فقالا إن كان هذا من الله تعالى سمعنا وأطعنا ، وإن كان رأيا فما أكلوا منها في الجاهلية تمرة إلا بشراء أو قري ، فكيف وقد أعزنا الله تعالى بالإسلام ، فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم عزمهم على القتال تركه } ، فلو لم يكن الإعطاء جائزا عند الضرورة ما شاور فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم . ( إلا لخوف ) مما هو أشد ضررا من الشرط الفاسد كاستيلائهم على المسلمين ( ولا حد ) لمدة المهادنة واجب والرأي فيها للإمام بحسب اجتهاده ( وندب أن لا تزيد ) مدتها ( على أربعة أشهر ) لاحتمال حدوث قوة للمسلمين ، وهذا حيث استوت المصلحة في تلك المدة وفي غيرها ( وإن استشعر ) أي ظن الإمام ظنا قويا ( خيانتهم ) أي الحربيين بظهور أماراتها في مدة المهادنة ( نبذه ) أي نقض الإمام الصلح وجوبا خوف الوقوع في المهلكة بالتمادي على المهادنة ، فيسقط اليقين بالظن القوي للضرورة .

( وأنذرهم ) وجوبا أي أعلم الإمام الحربيين بنقضه عهدهم وأنه يقاتلهم ، فإن [ ص: 230 ] تحقق خيانتهم نبذه بلا إنذار .




الخدمات العلمية