الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله: "فأدركته حيا فاذبحه" من أفراد مسلم، وزاد غيره بإسناده الصحيح: "فإن أدركته ولم يقتل فاذبح واذكر اسم الله".

فهذا فيه الدلالة من وجوه عديدة:

أحدها: قول عدي أولا: "إني أرسل كلابي المعلمة فيمسكن علي وأذكر اسم الله"، وقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أرسلت كلبك المعلم وذكرت اسم الله عليه"، وقوله: "إنما سميت على كلبك" دليل على أن عديا فهم من قوله تعالى: وما علمتم من الجوارح مكلبين تعلمونهن مما علمكم الله فكلوا مما أمسكن عليكم واذكروا اسم الله عليه أنه أمر من الله بذكر اسمه [ ص: 381 ] على الصيد، لم يرد به مجرد ذكر اسمه عند الأكل، كما ظن ذلك بعض الناس.

(ثم قال): فيقال: حديث عدي بن حاتم سؤاله وجواب النبي - صلى الله عليه وسلم - يدل على التسمية عليه على الصيد حين الاصطياد، وإن كانت التسمية عند الأكل مأمورا بها أيضا وجوبا أو استحبابا، على قولين معروفين لأصحابنا وغيرهم. لكن التسمية حين الاصطياد مأمور بها في الآية قطعا، كما دل عليه حديث عدي، مع أن ظاهر القرآن يدل على ذلك أيضا، وهذه من أدلة القرآن، فإن الضمير في قوله: واذكروا اسم الله عليه ضمير عائد على "ما" في قوله: مما أمسكن عليكم ، أي: واذكروا اسم الله على ما أمسكن. وذكر اسم الله على ما أمسكن هو ذكره على الصيد حين الاصطياد، كما يقال: ذكر اسم الله على الذبيحة أي حين الذبح، وهو ذكر اسمه على الكلب حين الإرسال، كما في الحديث: "فإنك إنما سميت على كلبك ولم تسم على غيره ". وأما إذا سمى على الكلب وأرسله، فعند إرسال الكلب له يكون صاحبه بعيدا عنه، وقد لا يراه، فلا يؤمر حينئذ بالتسمية. ولم يقل أحد من أهل العلم أن ذكر اسم الله على ما أمسكن هو مخصوص بهذه الحال.

التالي السابق


الخدمات العلمية