الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
باب لا يجوز بيع الثمر حتى يبدو صلاحه ( قال الشافعي ) : أخبرنا مالك عن حميد عن أنس { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الثمار حتى تزهي قيل يا رسول الله وما تزهي قال حتى تحمر } وروى عنه صلى الله عليه وسلم ابن عمر { حتى يبدو صلاحها } وروى غيره { حتى تنجو من العاهة } .

( قال ) : فبهذا نأخذ وفي قوله صلى الله عليه وسلم { إذا منع الله - جل وعز - الثمرة فبم يأخذ أحدكم مال أخيه ؟ } دلالة على أنه إنما نهى صلى الله عليه وسلم عن بيع الثمرة التي تترك حتى تبلغ غاية إبانها لا أنه نهى عما يقطع منها وذلك أن ما يقطع منها لا آفة تأتي عليه تمنعه إنما يمنع ما يترك مدة يكون في مثلها الآفة كالبلح وكل ما دون البسر يحل بيعه على أن يقطع مكانه ، وإذا أذن صلى الله عليه وسلم في بيعه إذا صار أحمر أو أصفر فقد أذن فيه إذا بدا فيه النضج واستطيع أكله خارجا من أن يكون كله بلحا وصار عامته في تلك الحال يمتنع في الظاهر من العاهة لغلظ نواته في عامته وبسره .

( قال ) : وكذلك كل ثمرة من أصل يرى فيه أول النضج لا كمام عليها وللخربز نضج كنضج الرطب فإذا رئي ذلك فيه حل بيع خربزه والقثاء يؤكل صغارا طيبا فبدو صلاحه أن يتناهى عظمه أو عظم بعضه ثم يترك حتى يتلاحق صغاره بكباره ولا وجه لمن قال : يجوز إذا بدا صلاحهما ويكون لمشتريهما ما ثبت أصلهما أن يأخذ كل ما خرج منهما وهذا محرم وكيف لم يجز بيع القثاء والخربز حتى يبدو صلاحهما كما لا يحل بيع الثمر حتى يبدو صلاحه ويحل ما لم ير ولم يخلق منهما ولو جاز لبدو صلاحهما شراء ما لم يخلق منهما لجاز لبدو صلاح ثمر النخل شراء ما لم [ ص: 178 ] يحمل النخل سنين ، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع السنين .

التالي السابق


الخدمات العلمية