الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
باب الخيار في القصاص

( قال الشافعي ) رحمه الله أخبرنا ابن أبي فديك عن ابن أبي ذئب عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي شريح الكعبي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { ثم أنتم يا بني خزاعة قد قتلتم هذا القتيل من هذيل وأنا والله عاقله فمن قتل قتيلا بعده فأهله بين خيرتين إن أحبوا قتلوا وإن أحبوا أخذوا العقل } ( قال الشافعي ) رحمه الله ولم يختلفوا في أن العقل يورث كالمال وإذا كان هكذا فكل وارث ولي زوجة أو ابنة لا يخرج أحد منهم من ولاية الدم ولا يقتل إلا باجتماعهم وحبس القاتل حتى يحضر الغائب ويبلغ الطفل ، وإن كان فيهم معتوه فحتى يفيق أو يموت فيقوم وارثه مقامه وأيهم عفا عن القصاص كان على حقه من الدية ، وإن عفا على غير مال كان الباقون على حقوقهم من الدية فإن عفوا جميعا وعفا المفلس يجنى عليه أو على عبده القصاص جاز ذلك لهم ولم يكن لأهل الدين والوصايا منعهم ; لأن المال لا يملك بالعمد إلا بمشيئة المجني عليه إن كان حيا وبمشيئة الورثة إن كان ميتا .

( قال المزني ) رحمه الله ليس يشبه هذا الاعتلال أصله ; لأنه احتج في أن العفو يوجب الدية بأن الله تعالى لما قال { فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان } لم يجز أن يقال : عفا إن صولح [ ص: 346 ] على مال ; لأن العفو ترك بلا عوض فلم يجز إذا عفا عن القتل الذي هو أعظم الأمرين إلا أن يكون له مال في مال القاتل أحب أو كره ، ولو كان إذا عفا لم يكن له شيء لم يكن للعافي ما يتبعه بمعروف ولا على القاتل ما يؤديه بإحسان .

( قال المزني ) رحمه الله فهذا مال بلا مشيئة أولا تراه يقول : إن عفو المحجور جائز ; لأنه زيادة في ماله وعفوه المال لا يجوز ; لأنه نقص في ماله وهذا مال بغير مشيئة فأقرب إلى وجه ما قال عندي في العفو الذي ليس لأهل الدين منعه منه هو أن يبرئه من القصاص ويقول بغير مال فيسقطان ، وبالله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية