الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( قال الشافعي ) رحمه الله تعالى وبقول سعيد بن المسيب أقول : جراح العبد من ثمنه كجراح الحر من ديته في كل قليل وكثير وقيمته ما كانت وهذا يروى عن عمر وعلي رضي الله عنهما .

( قال ) وتحمل ثمنه العاقلة إذا قتل خطأ وفي ذكره ثمنه ولو زاد القطع في ثمنه أضعافا .

( قال الشافعي ) رحمه الله فإن قيل : فإذا كنت تزعم أن ثمنه كثمن البعير إذا قتل فلم لم يحكم في جرحه كجرح البعير وبعضه ؟ قلت : قد يجامع الحر البعير يقتل فيكون ثمنه مثل دية الحر فهو في الحر دية وفي البعير قيمة والقيمة دية العبد وقسته بالحر دون البهيمة بدليل من كتاب الله تعالى في قتل النفس الدية وتحرير رقبة ، وحكمت وحكمنا في الرجل والمرأة والعبد بديات مختلفات وجعلنا في كل نفس منهم دية ورقبة وإنما جعل الله في النفس الرقبة حيث جعل الدية وبدل البعير والمتاع قيمة لا رقبة معها فجامع العبد الأحرار في أن فيه كفارة وفي أنه إذا قتل قتل وإذا جرح جرح في قولنا ، وفي أن عليه حد الحر في بعض الحدود ونصف حد الحر في بعض الحدود وأن عليه الفرائض من الصلاة والصوم والتعبد وكان آدميا كالأحرار فكان بالآدميين أشبه فقسته عليهم دون البهائم والمتاع .

( قال المزني ) وقال في كتاب الديات والجنايات لا نحمله العاقلة كما لا تغرم قيمة ما استهلك من مال .

( قال المزني ) الأول بقوله أشبه ; لأنه شبهه بالحر في أن جراحه من ثمنه كجراح الحر من ديته لم يختلف ذلك عندي من قوله .

( قال الشافعي ) رحمه الله وكل جناية عمد لا قصاص فيها فالأرش في مال الجاني ، وقيل : جناية الصبي والمعتوه عمدا وخطأ يحملها العاقلة ، وقيل : لا ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم قضى أن تحمل العاقلة الخطأ في ثلاث سنين فلو قضينا بها إلى ثلاث سنين خالفنا دية العمد لأنها حالة فلم يقض على العاقلة بدية عمد بحال .

( قال المزني ) هذا هو المشهور من قوله .

( قال الشافعي ) ولو صاح برجل فسقط عن حائط لم أر عليه شيئا ، ولو كان صبيا أو معتوها فسقط من صيحته ضمن ، ولو طلب رجلا بسيف فألقى بنفسه عن ظهر بيت فمات لم يضمن وإن كان أعمى فوقع في حفرة ضمنت عاقلة الطالب ديته ; لأنه اضطره إلى ذلك ولو عرض له في طلبه سبع فأكله لم يضمن لأن الجاني غيره .

( قال ) ويقال لسيد أم الولد إذا جنت افدها بالأقل من قيمتها أو جنايتها ثم هكذا كلما جنت .

( قال المزني ) هذا أولى بقوله من أحد قوليه [ ص: 354 ] وهو أن السيد إذا غرم قيمتها ثم جنت شرك المجني عليه الثاني المجني عليه الأول .

( قال المزني ) فهذا عندي ليس بشيء ; لأن المجني عليه الأول قد ملك الأرش بالجناية فكيف تجني أمة غيره ويكون بعض الغرم عليه .

التالي السابق


الخدمات العلمية