الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
باب العرايا أخبرنا المزني قال الشافعي أخبرنا مالك عن داود بن الحصين عن أبي سفيان مولى ابن أبي أحمد عن أبي هريرة { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرخص في بيع العرايا فيما دون خمسة أوسق أو في [ ص: 179 ] خمسة أوسق } الشك من داود ، وقال ابن عمر { نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع التمر بالتمر إلا أنه أرخص في بيع العرايا } .

( قال المزني ) : وروى الشافعي حديثا فيه قلت لمحمود بن لبيد : أو قال محمود بن لبيد لرجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إما زيد بن ثابت ، وإما غيره ما عراياكم هذه ؟ فقال فلان وفلانة وسمى { رجالا محتاجين من الأنصار شكوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم أن الرطب يأتي ولا نقد بأيديهم يبتاعون به رطبا يأكلونه مع الناس وعندهم فضول من قوتهم من التمر فرخص لهم أن يبتاعوا العرايا بخرصها من التمر الذي في أيديهم يأكلونها رطبا } .

( قال الشافعي ) : وحديث سفيان يدل على مثل هذا أخبرنا ابن عيينة عن يحيى بن سعيد عن بشير بن يسار عن سهل بن أبي حثمة { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع التمر بالتمر إلا أنه أرخص في العرايا أن تباع بخرصها من التمر يأكلها أهلها رطبا } .

( قال المزني ) : اختلف ما وصف الشافعي في العرايا وكرهت الإكثار فأصح ذلك عندي ما جاء فيه الخبر وما قال في كتاب اختلاف الحديث " وفي الإملاء أن قوما شكوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا نقد عندهم ولهم تمر من فضل قوتهم فأرخص لهم فيها .

( قال الشافعي ) : وأحب إلي أن تكون العرية أقل من خمسة أوسق ولا أفسخه في الخمسة وأفسخه في أكثر .

( قال المزني ) : يلزمه في أصله أن يفسخ البيع في خمسة أوسق ; لأنه شك وأصل بيع التمر في رءوس النخل بالتمر حرام بيقين ولا يحل منه إلا ما أرخص فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم بيقين فأقل من خمسة أوسق يقين على ما جاء به الخبر وليست الخمسة بيقين فلا يبطل اليقين بالشك .

( قال الشافعي ) : ولا يبتاع الذي يشتري العرية بالتمر إلا بأن يخرص العرية كما يخرص العشر فيقال فيها الآن رطبا كذا ، وإذا يبس كان كذا فيدفع من التمر مكيلة خرصها تمرا ويقبض النخلة بتمرها قبل أن يتفرقا فإن تفرقا قبل دفعه فسد البيع .

( قال ) : ويبيع صاحب الحائط لكل من أرخص له ، وإن أتى على جميع حائطه والعرايا من العنب كهي من التمر لا يختلفان ; لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم سن الخرص في ثمرتهما ولا حائل دون الإحاطة بهما .

التالي السابق


الخدمات العلمية