الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
أمر وادي القرى

وكان في جمادى الآخرة سنة سبع. ذكر أبو بكر البلاذري بأسانيده، قال: قالوا: أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم منصرفه من خيبر وادي القرى، فدعا أهلها إلى الإسلام، فامتنعوا من ذلك وقاتلوا، ففتحها رسول الله صلى الله عليه وسلم عنوة، وغنمه الله أموال أهلها، وأصاب المسلمون منها أثاثا ومتاعا، فخمس رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك، وترك الأرض والنخل في أيدي يهود، وعاملهم على نحو ما عامل عليه أهل خيبر، فقيل: إن عمر أجلى يهودها، وقسمها بين من قاتل عليها. وقيل: إنه لم يجلهم، لأنها خارجة من الحجاز، وهي اليوم مضافة إلى عمل المدينة. وولاها رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن سعيد بن العاص، وأقطع رسول الله صلى الله عليه وسلم جمرة بن النعمان بن هوذة العذري رمية سوطه من وادي القرى، وكان سيد بني عذرة، وأول أهل الحجاز قدم على النبي صلى الله عليه وسلم بصدقة بني عذرة. وكذلك قال أبو عمر: إنه افتتحها عنوة وقسمها.

وأما ابن إسحاق فذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حاصر أهلها ليالي، ثم انصرف راجعا إلى المدينة.

وفيها أصيب غلام للنبي صلى الله عليه وسلم يقال له مدعم أصابه سهم غرب فقتله.

أخبرنا القاضي الصدر الرئيس نظام الدين أبو عبد الله محمد بن الحسين بن الحسن بن الخليلي قراءة عليه وأنا أسمع بمصر، قال: أخبرنا أبو محمد المبارك بن إبراهيم بن مختار بن تغلب بن السيبي في كتابه إلي من مدينة السلام، ومولده سنة سبع عشرة وخمسمائة، وتوفي [ ص: 198 ] سنة ستمائة، قال: أخبرنا أبو القاسم بن الحصين إملاء من لفظه سنة ثلاث وعشرين، أخبرنا القاضي أبو القاسم التنوخي، أخبرنا عبيد الله بن محمد بن إسحاق المتوثي ، حدثنا البغوي ، حدثنا مصعب بن عبد الله، حدثني مالك ، عن ثور بن زيد الديلي ، عن أبي الغيث مولى ابن مطيع، عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنه قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام خيبر، فلم نغنم ذهبا ولا ورقا، إلا الثياب والمتاع والأموال. فوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم نحو وادي القرى، وقد أهدي لرسول الله صلى الله عليه وسلم عبد أسود يقال له مدعم، فبينما هو يحط رحل رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاءه سهم عابر فقتله، فقال الناس: هنيئا له الجنة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كلا والذي نفسي بيده، إن الشملة التي أخذها يوم خيبر من المغانم، لم تصبها المقاسم، لتشتعل عليه نارا". فلما سمعوا بذلك جاء رجل بشراك - أو شراكين - إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "شراك من نار أو "شراكان من نار" .

قال البلاذري: حدثني علي بن محمد بن عبد الله مولى قريش ، عن العباس بن عامر، قال: أتى عبد الملك بن مروان ، يزيد بن معاوية، فقال: إن أمير المؤمنين معاوية كان ابتاع من بعض اليهود أرضا بوادي القرى، وأحيا إليها أرضا، وليست لك بذلك المال عناية، فقد ضاع وقلت غلته، فأقطعنيه فإنه لا خطر له، فقال يزيد: إنا لا نبخل بكثير، ولا نخدع عن صغير. فقال: يا أمير المؤمنين غلته كذا. قال: هو لك. فلما ولي، قال يزيد: هذا الذي يقال أنه يلي بعدنا، فإن يكن ذلك حقا فقد صانعناه، وإن يكن باطلا فقد وصلناه.

[ ص: 199 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية