الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وذكر ابن عائذ أن المشركين جهزوا نحو رسول الله صلى الله عليه وسلم كتيبة عظيمة غليظة، فقاتلوهم يوما إلى الليل، فلما حضرت العصر دنت الكتائب، فلم يقدر النبي عليه الصلاة والسلام ولا أحد من أصحابه الذين كانوا معه أن يصلوا الصلاة على ما أرادوا، فانكفأت مع الليل، فزعموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: شغلونا عن صلاة العصر، ملأ الله بطونهم وقبورهم نارا" .

وقرأت على أبي النور إسماعيل بن نور بن قمر الهيتي، أخبركم الشيخ أبو نصر موسى بن عبد القادر الجيلي قراءة عليه وأنت تسمع؟ فأقر به قال: أنا أبو بكر بن الزاغوني ، أخبرنا ابن البسري قال: أخبرنا المخلص ، حدثنا يحيى بن محمد ، حدثنا محمد بن يزيد أبو هشام الرفاعي ، حدثنا أبو مالك الجنبي عمرو بن هاشم ، حدثنا يحيى بن سعيد ، عن سعيد بن المسيب ، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: ما صلى رسول الله عليه الصلاة والسلام يوم الخندق الظهر والعصر حتى غابت الشمس. [ ص: 96 ] رواية سعيد بن المسيب ، عن عمر بن الخطاب، ذهب بعض الناس إلى أنها مرسلة، لأنه ولد لسنتين بقيتا من خلافة عمر، وقيل: ولد لسنتين خلتا من خلافة عمر، وهو الصحيح إن شاء الله تعالى، فتكون متصلة، وله عنه أحاديث يسيرة هي عندهم متصلة، ويقول في بعضها: سمعت عمر رضي الله عنه على المنبر.

وذكر ابن سعد في هذا الخبر أنهم شغلوا عن صلاة الظهر والعصر والمغرب والعشاء.

قال ابن سعد: وأقام أسيد بن الحضير على الخندق في مائتين من المسلمين، وكر خالد بن الوليد في خيل من المشركين، يطلبون غرة من المسلمين، فناوشوهم ساعة، ومع المشركين وحشي، فزرق الطفيل بن النعمان من بني سلمة بمزراقه فقتله، وانكشفوا، وسار رسول الله عليه الصلاة والسلام إلى قبته، فأمر بلالا فأذن وأقام الظهر فصلى، ثم أقام بعد لكل صلاة إقامة إقامة، وصلى هو وأصحابه ما فاتهم من الصلوات وقال: "شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر، ملأ الله أجوافهم وقبورهم نارا". ولم يكن لهم قتال بعد ذلك جميعا حتى انصرفوا، إلا أنهم لا يدعون الطلائع بالليل يطمعون في الغارة.

التالي السابق


الخدمات العلمية