الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قدوم صرد بن عبد الله الأزدي

وقدم صرد بن عبد الله الأزدي على رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، في وفد من الأزد ، فأمره على من أسلم من قومه ، وأمره أن يجاهد بمن أسلم من كان يليه من أهل الشرك من قبائل اليمن، فخرج حتى نزل بجرش ، وهي يومئذ مدينة مغلقة ، وبها قبائل من قبائل اليمن. وقد ضوت إليهم خثعم ، فدخلوها معهم حين سمعوا بمسير المسلمين إليهم ، فحاصروهم فيها قريبا من شهر ، وامتنعوا فيها منه . ثم إنه رجع عنهم قافلا ، حتى إذا كان بجبل يقال له : شكر ، ظن أهل جرش إنما ولى عنهم منهزما ، فخرجوا في طلبه ، حتى إذا أدركوه عطف عليهم فقتلهم قتلا شديدا .

وقد كان أهل جرش بعثوا رجلين منهم إلى رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، بالمدينة يرتادان وينظران ، فبينما هما عند رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، عشية بعد العصر إذ قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : "بأي بلاد الله شكر ؟" فقام [ ص: 325 ] الجرشيان فقالا : يا رسول الله ، ببلادنا جبل يقال له : كشر ، وكذلك يسميه أهل جرش . فقال : "إنه ليس بكشر ، ولكنه شكر" . قالا : فما شأنه يا رسول الله ؟ قال : "إن بدن الله لتنحر عنده الآن" . قال : فجلس الرجلان إلى أبي بكر - أو إلى عثمان - فقال لهما : ويحكما ، إن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، الآن لينعى لكما قومكما ، فقوما إلى رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، فاسألاه أن يدعو الله أن يرفع عن قومكما . فقاما إليه فسألاه ذلك ، فقال : "اللهم ارفع عنهم" ، فخرجا من عند رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، راجعين إلى قومهما ، فوجدا قومهما قد أصيبوا يوم أصابهم صرد بن عبد الله ، في اليوم الذي قال فيه رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، ما قال ، وفي الساعة التي ذكر فيها ما ذكر . فخرج وفد جرش حتى قدموا على رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، فأسلموا ، وحمى لهم حمى حول قريتهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية