الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر إسلام النجاشي وكتاب رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، إليه مع عمرو بن أمية الضمري

ذكر ابن إسحاق أن عمرا قال له : يا أصحمة ، إن علي القول وعليك الاستماع ، إنك كأنك في الرقة علينا منا ، وكأنا في الثقة بك منك ، لأنا لم نظن بك خيرا قط إلا نلناه ، ولم نخفك على شيء قط إلا أمناه ، وقد أخذنا الحجة عليك من فيك ، الإنجيل بيننا وبينك شاهد لا يرد ، وقاض لا يجور ، وفي ذلك الموقع الحز وإصابة المفصل ، وإلا فأنت في هذا النبي الأمي كاليهود في عيسى ابن مريم ، وقد فرق النبي ، صلى الله عليه وسلم ، رسله إلى الناس فرجاك لما لم يرجهم له ، وأمنك على ما خافهم عليه ، لخير سالف ، وأجر ينتظر . فقال النجاشي : أشهد بالله أنه للنبي الذي تنتظره أهل الكتاب ، وأن بشارة موسى براكب الحمار كبشارة عيسى براكب الجمل ، وأن العيان ليس بأشفى من الخبر .

وذكر الواقدي أن ذلك الكتاب : ( "بسم الله الرحمن الرحيم ، ) من محمد رسول الله إلى النجاشي ملك الحبشة ، سلم أنت ، فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو ، الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن ، وأشهد أن عيسى ابن مريم روح الله وكلمته ، ألقاها إلى مريم البتول الطيبة الحصينة ، فحملت بعيسى، فخلقه من روحه ، ونفخه كما خلق آدم بيده ، وإني أدعوك إلى الله وحده لا شريك له ، والموالاة على طاعته ، وأن تتبعني وتؤمن بالذي جاءني ، فإني رسول الله ، وإني أدعوك وجنودك إلى الله ، عز وجل ، وقد بلغت ونصحت ، فاقبلوا نصيحتي ، والسلام على من اتبع الهدى .

فكتب إليه النجاشي : بسم الله الرحمن الرحيم ، إلى محمد رسول الله من النجاشي [ ص: 350 ] أصحمة ، سلام عليك يا نبي الله من الله ورحمة الله وبركاته الذي لا إله إلا هو ، أما بعد : فقد بلغني كتابك يا رسول الله ، فيما ذكرت من أمر عيسى ، فورب السماء والأرض إن عيسى ابن مريم لا يزيد على ما ذكرت ثفروقا ، إنه كما ذكرت . وقد عرفنا ما بعثت به إلينا ، وقد قربنا ابن عمك وأصحابه ، فأشهد أنك رسول الله صادقا مصدقا ، وقال بايعتك وبايعت ابن عمك ، وأسلمت على يديه لله رب العالمين .


* الثفروق : علاقة ما بين النواة والقمع .

وتوفي النجاشي سنة تسع بالحبشة ، وأخبر رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، بموته يومه ، وخرج بالناس إلى المصلى ، فصلى عليه ، والناس خلفه صفوف ، وكبر عليه أربعا .

التالي السابق


الخدمات العلمية