الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              تنبيهات

                                                                                                                                                                                                                              الأول :

                                                                                                                                                                                                                              وقع في غزوة أحد آيات :

                                                                                                                                                                                                                              منها : رد عين قتادة بن النعمان ، روى أبو يعلى وأبو نعيم من طريق عاصم بن عمر بن قتادة ، عن أبيه عن جده : إنه أصيبت عينه يوم أحد فسالت حدقته على وجنته ، فأرادوا قطعها ، فسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : «لا » ، فدعا به فغمز عينه براحته ، فكان لا يدري أي عينيه أصيبت ، وله طرق تأتي في المعجزات .

                                                                                                                                                                                                                              ومنها إخباره عن رجل قاتل الكفار قتالا شديدا أنه من أهل النار قتل نفسه . وتقدم بيان ذلك .

                                                                                                                                                                                                                              ومنها : انقلاب العسيب سيفا ، قال عبد الرزاق : أخبرنا معمر عن سعيد بن عبد الرحمن الجحشي : أخبرنا أشياخنا أن عبد الله بن جحش جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، يوم أحد ، وقد ذهب سيفه فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم عسيبا من نخل ، فرجع في يد عبد الله سيفا . قال الزبير بن بكار في «الموفقيات » : إن قائمة منه ، وكان يسمى العرجون ، ولم يزل يتناقل حتى بيع من بغاء التركي بمائتي دينار .

                                                                                                                                                                                                                              ومنها : إجابة قسم عبد الله بن جحش .

                                                                                                                                                                                                                              ومنها : إخباره صلى الله عليه وسلم بأن الملائكة تقاتل مع عبد الرحمن بن عوف ، وتقدم بيان ذلك .

                                                                                                                                                                                                                              ومنها : رد بصر أبي ذر رضي الله ، روى أبو يعلى عن طريق عبد الرحمن بن الحارث بن عبيدة عن جده قال : أصيبت عين أبي ذر يوم أحد ، فبزق فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكانت أصح عينيه . كذا في هذه الرواية والصحيح أن أبا ذر لم يشهد أحدا .

                                                                                                                                                                                                                              ومنها : وقاية الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم ، من جماعة رموه بالسهام ، وصرف عبد الله بن شهاب عنه حين أراد قتله ، وتقدم بيان ذلك .

                                                                                                                                                                                                                              ومنها إخباره بأن الحارث بن سويد قتل مجذر - بذال معجمة مشددة مفتوحة - ابن ذياد ، بفتح الذال المعجمة في أوله وتشديد التحتية ، وقيل بكسر الذال وهو أشهر .

                                                                                                                                                                                                                              روى ابن سعد عن الواقدي عن شيوخه قالوا : كان سويد بن الصامت قد قتل ذيادا أبا المجذر في وقعة التقوا فيها ، فظفر المجذر بسويد فقتله ، وذلك قبل الإسلام ، فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم أسلم الحارث بن سويد ، ومجذر بن ذياد ، وشهدا بدرا . وذكر ابن إسحاق أن الحارث كان منافقا . اهـ . فجعل الحارث يطلب مجذرا يقتله بأبيه فلا يقدر عليه ، فلما كان يوم أحد وجال المسلمون تلك الجولة أتاه الحارث من خلفه فضرب عنقه ، فلما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من حمراء الأسد أتاه جبريل ، فأخبره أن الحارث بن سويد قتل مجذر بن ذياد [ ص: 241 ] غيلة وأمره أن يقتله ، فركب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قباء في ذلك اليوم ، في يوم حار ، فدخل مسجد قباء ، فصلى فيه ، وسمعت به الأنصار فجاءت تسلم عليه ، وأنكروا إتيانه في تلك الساعة . وفي ذلك اليوم ، حتى طلع الحارث بن سويد في ملحفة مورسة - وقال ابن هشام في ثوبين مضرجين وفي لفظ : مصرين - فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، دعا عويم ابن ساعدة فقال : قدم الحارث بن سويد إلى باب المسجد فاضرب عنقه بمجذر بن ذياد ، فإنه قتله غيلة ، فقال الحارث : قد والله قتلته ، وما كان قتلي إياه رجوعا عن الإسلام ولا ارتيابا فيه ، ولكنه حمية من الشيطان ، وأمر وكلت فيه إلى نفسي ، وإن أتوب إلى الله ورسوله مما عملت ، وأخرج ديته ، وأصوم شهرين متابعين ، وأعتق رقبة . قال : قدمه يا عويم فاضرب عنقه ، فقدمه فضرب عنقه ، فقال حسان بن ثابت :


                                                                                                                                                                                                                              يا حار في سنة من نوم أولكم أم كنت ويحك مغترا بجبريل ؟ !     أم كنت بابن ذياد حين تقتله
                                                                                                                                                                                                                              بغرة في فضاء الأرض مجهول ؟ !



                                                                                                                                                                                                                              قلت : وذكر ابن هشام : أن عثمان بن عفان هو الذي ضرب عنقه ، ثم قال : ويقال بعض الأنصار .

                                                                                                                                                                                                                              وذكر ابن إسحاق في قصة قتله ما يخالف بعض ما ذكر ، وجزم العدوي ، وابن الكلبي ، والقاسم بن سلام ، بأن القصة وقعت لأخيه جلاس بضم الجيم ، والمشهور أن صاحب القصة الحارث .

                                                                                                                                                                                                                              ومنها : قوله في مالك ، وهو والد أبي سعيد الخدري : من أراد أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا . فاستشهد . رواه البيهقي عن عمر بن السائب بلاغا .

                                                                                                                                                                                                                              ومنها : إجابة دعائه في موت عتبة بن أبي وقاص ألا يحول عليه الحول كذلك ، كما تقدم .

                                                                                                                                                                                                                              ومنها : أنه لم يولد لعتبة ولد ، كما تقدم .

                                                                                                                                                                                                                              ومنها : إجابة دعائه في تثبيت عمته صفية ، كما تقدم في القصة .

                                                                                                                                                                                                                              ومنها : عدم استطاعة هند أكل شيء من كبد حمزة .

                                                                                                                                                                                                                              قال ابن سعد : أخبرنا هوذة بن خليفة ، حدثنا عوف بن محمد قال : بلغني أن هندا بنت عتبة بن ربيعة جاءت يوم أحد ، وكانت نذرت لئن قدرت على حمزة لتأكلن من كبده ، فجاءوا بجزة من كبد حمزة أخذتها تمضغها لتأكلها ، فلم تستطع أن تبتلعها فلفظتها فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم : فقال : إن الله تعالى حرم على النار أن تذوق من لحم حمزة شيئا أبدا .

                                                                                                                                                                                                                              ومنها : أن رجلا قال : اللهم إن كان محمد على الحق فاخسف به ، يعني نفسه ، فخسف به ، كما رواه البزار بسند حسن ، عن بريدة .

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 242 ] ومنها : طول الوتر القصير الذي بقوسه لما انقطع ولف عليه منه لفات ، كما تقدم .

                                                                                                                                                                                                                              ومنها : أنه صلى الله عليه وسلم دعا الله تعالى ألا يفلت أبا عزة الجمحي . روى البيهقي عن الإمام الشافعي رضي الله عنه قال : كان من الممنون عليهم بلا فدية يوم بدر أبو عزة الجمحي ، تركه رسول الله صلى الله عليه وسلم لبناته ، وأخذ عليه عهدا ألا يقاتله ، فأخفره وقاتله يوم أحد ، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا يفلت ، فما أسر من المشركين رجل غيره ، فقال : يا محمد امنن علي ودعني لبناتي ، وأعطيك عهدا ألا أعود إلى قتالك . فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تمسح على عارضيك بمكة وتقول : قد خدعت محمدا مرتين ، فأمر به فضربت عنقه .

                                                                                                                                                                                                                              ومنها : وجدان أنس بن النضر وسعد بن الربيع رائحة الجنة ، كما تقدم في القصة .

                                                                                                                                                                                                                              ومنها : تغسيل الملائكة لحمزة وحنظلة ، كما تقدم .

                                                                                                                                                                                                                              ومنها : برء جرح كلثوم بن الحصين بريقه صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                                                                                                                              قال ابن سعد : رمي أبو رهم الغفاري يوم أحد كلثوم بن الحصين بسهم فوقع في نحره ، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فبصق عليه فبرأ ، [وكان أبو رهم يسمى المنحور ] .

                                                                                                                                                                                                                              ومنها : تظليل الملائكة لعبد الله والد جابر ، كما رواه الشيخان .

                                                                                                                                                                                                                              ومنها : إخباره بأن المشركين لن يصيبوا منا مثلها أبدا .

                                                                                                                                                                                                                              روى ابن سعد عن محمد بن عمر عن شيوخه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : «لن ينالوا منا مثل هذا اليوم حتى نستلم الركن » .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية