الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              ذكر انصراف رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخندق بعد رحيل أعدائه وإخباره بأن قريشا لا تغزوه أبدا وأنه هو الذي يغزوهم

                                                                                                                                                                                                                              روى الإمام أحمد والبخاري عن سليمان بن صرد والبزار برجال ثقات وأبو نعيم ، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهم ، والبيهقي عن قتادة رحمه الله : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أجلى الله تعالى عنه الأحزاب : «الآن نغزوهم ولا يغزوننا ، نحن نسير إليهم» .

                                                                                                                                                                                                                              قال ابن إسحاق : فلم تعد قريش بعد ذلك ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغزوهم بعد ذلك حتى فتح مكة .

                                                                                                                                                                                                                              وروى البخاري عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : «لا إله إلا الله وحده ، أعز جنده ، ونصر عبده ، وغلب- وفي لفظ : وهزم- الأحزاب وحده ، فلا شيء بعده» .

                                                                                                                                                                                                                              قالوا : وأصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخندق ، وليس بحضرته أحد من عساكر المشركين ، قد هربوا وانقشعوا إلى بلادهم ، فأذن للمسلمين في الانصراف إلى منازلهم ، فخرجوا مبادرين [ ص: 390 ] مسرورين بذلك ، فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تعلم بنو قريظة حب رجعتهم إلى منازلهم ، فأمر بردهم ، فبعث من ينادي في إثرهم ، فما رجع منهم رجل واحد .

                                                                                                                                                                                                                              روى الطبراني من طريقين رجالهما ثقات ، ومحمد بن عمر ، عن عبد الله بن عمر ، ومحمد بن عمر عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهم : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بردهم ، قالا :

                                                                                                                                                                                                                              فجعلنا نصيح في إثرهم في كل ناحية : «إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمركم أن ترجعوا» ، فما رجع منهم رجل واحد ، من القر والجوع . قالا : وكره رسول الله صلى الله عليه وسلم سرعتهم ، وكره أن يكون لقريش عيون . قال جابر : فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلقيته في بني حرام منصرفا فأخبرته ، فضحك صلى الله عليه وسلم
                                                                                                                                                                                                                              .

                                                                                                                                                                                                                              وكان المنافقون بناحية المدينة يتحدثون بنبي الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، ويقولون : ما هلكوا بعد ، ولم يعلموا بذهاب الأحزاب ، وسرهم أن جاءهم الأحزاب وهم بادون في الأعراب ، مخافة القتال .

                                                                                                                                                                                                                              واستشهد من المسلمين ثمانية : سعد بن معاذ- وتأتي ترجمته في حوادث سنة خمس- وأنس بن أوس ، وعبد الله بن سهل- رماه رجل من بني عوف أو عويف من بني كنانة- والطفيل بن النعمان- قتله وحشي- وثعلبة بن عنمة- بعين مهملة ونون مفتوحتين- ابن عدي- قتله هبيرة بن أبي وهب المخزومي- وكعب بن زيد [النجاري] ، وكان قد ارتث يوم بئر معونة فصح حتى قتل يوم الخندق ، قتله ضرار بن الخطاب . هذا ما ذكره ابن إسحاق ، ومحمد بن عمر .

                                                                                                                                                                                                                              وزاد الحافظ الدمياطي في الأنساب : قيس بن زيد بن عامر ، وعبد الله بن أبي خالد ، وأبو سنان بن صيفي بن صخر ، ذكر الحافظ في الكنى أنه شهد بدرا ، واستشهد في الخندق .

                                                                                                                                                                                                                              وقتل من المشركين ثلاثة : عمرو بن عبد ود قتله علي بن أبي طالب . ونوفل بن عبد الله بن المغيرة ، قتله الزبير بن العوام ، ويقال : علي بن أبي طالب . وعثمان بن منبه ، مات بمكة من رمية رميها يوم الخندق .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية