الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              التاسع عشر : اختلف في قاتل أبي جهل ، ففي صحيح البخاري في كتاب الخمس [ ص: 87 ] عن عبد الرحمن بن عوف أن معاذ بن عمرو بن الجموح ، ومعاذ ابن عفراء قتلا أبا جهل ، وفيه أيضا عن أنس أن ابن مسعود انطلق لينظر أبا جهل فوجده قد ضربه ابنا عفراء حتى برد -بفتح الموحدة والراء المهملة- أي مات ، أو صار في حال من مات ، ولم يبق فيه سوى حركة المذبوح ، وابنا عفراء هما معاذ ومعوذ ، بتشديد الواو .

                                                                                                                                                                                                                              وعند ابن إسحاق ، عن ابن عباس ، عن عمرو بن الجموح أنه ضرب أبا جهل ضربة أطنت قدمه ، ثم مر به معوذ ابن عفراء فضربه حتى أثبته وبه رمق ، ثم مر بأبي جهل عبد الله بن مسعود وبه رمق فذكر ما سبق في القصة ، واحتز رأسه .

                                                                                                                                                                                                                              قال في الفتح بعد ذكر حديث ابن عوف : عفراء : والدة معوذ واسم أبيه الحارث . وأما معاذ بن عمرو بن الجموح فليس اسم أمه عفراء ، وإنما أطلق عليه تغليبا ، ويحتمل أن تكون أم معاذ أيضا تسمى عفراء ، أو أنه كان لمعوذ أخ يسمى معاذا باسم الذي شركه في قتل أبي جهل ظنه الراوي أخاه ، وما رواه ابن إسحاق يجمع بين الأحاديث ، لكنه يخالف حديث ابن عوف أنه رأى معاذ ابن عفراء ومعاذ بن عمرو شدا عليه جميعا حتى طرحاه ، وابن إسحاق يقول : إن ابن عفراء هو معوذ ، والذي في الصحيح معاذ وهما أخوان ، فيحتمل أن يكون معاذ ابن عفراء شد عليه فتجتمع الأقوال كلها ، وإطلاق كونهما قتلاه يخالف في الظاهر حديث ابن مسعود أنه وجده وبه رمق ، وهو محمول على أنهما بلغا به بضربهما إياه بسيفيهما منزلة المقتول ، حتى لم يبق إلا مثل حركة المذبوح ، وفي تلك الحالة لقيه ابن مسعود فضرب عنقه .

                                                                                                                                                                                                                              وأما ما ذكره ابن عتبة وأبو الأسود عن عروة : أن ابن مسعود أنه وجد أبا جهل مصروعا بينه وبين المعركة غير كثير ، متقنعا في الحديد واضعا سيفه على فخذه ، إلى آخر ما ذكر في القصة ، فيحمل على أن ذلك وقع بعد أن خاطبه كما تقدم .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية