الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
9509 - أخبرنا أبو علي الروذباري قال: أخبرنا أبو بكر بن داسة قال: حدثنا أبو داود قال: حدثنا محمد بن منصور قال: حدثنا يعقوب يعني ابن إبراهيم بن سعد قال: حدثنا أبي، عن ابن إسحاق قال: حدثنا خصيف بن عبد الرحمن الجزري، عن سعيد بن جبير قال: قلت لعبد الله بن عباس: يا أبا العباس عجبت لاختلاف أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في إهلال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أوجب، فقال: إني لأعلم الناس بذلك، إنها إنما كانت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة واحدة، فمن هناك اختلفوا، خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حاجا، فلما صلى بمسجده بذي الحليفة ركعتيه أوجب في مجلسه، فأهل بالحج حين فرغ من ركعتيه، فسمع ذلك منه أقوام، فحفظته عنه، ثم ركب، فلما استقلت ناقته، أهل وأدرك ذلك منه أقوام وذلك أن الناس، إنما كانوا يأتون أرسالا، فسمعوه حين استقلت به ناقته يهل، فقالوا: إنما " أهل رسول الله صلى الله عليه وسلم حين استقلت به ناقته، ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما علا على شرف البيداء أهل، وأدرك ذلك منه أقوام، فقالوا: إنما أهل حين علا شرف البيداء، وايم الله لقد أوجب في مصلاه، وأهل حين استقلت به ناقته، وأهل حين علا على شرف البيداء " . [ ص: 121 ] قال سعيد: فمن أخذ بقول ابن عباس أهل في مصلاه إذا فرغ من ركعتيه.

9510 - قال أحمد: هذا جمع حسن، إلا أن خصيفا الجزري ليس بالقوي عند أهل العلم بالحديث.

9511 - وقد رواه الواقدي بإسناد له عن ابن عباس ، إلا أن الواقدي ضعيف، فإن صح ذلك استحببنا أن يكون إهلاله في مجلسه بعد الفراغ من الصلاة.

9512 - والعجب أن بعض من يدعي الجمع بين الأخبار المختلفة ويصححها على مذهبه جعل هذا الحديث أصلا لإحرام النبي صلى الله عليه وسلم دبر صلاته في المسجد، وزعم أن الذين قالوا: قرن النبي صلى الله عليه وسلم لا خارجا من المسجد، فعلموا أنه قرن، وسمع تلبيته، يحتمل أنهم سمعوا تلبيته بالعمرة في المسجد، ثم سمعوا تلبيته بالحج خارجا من المسجد، فعلموا أنه قرن، وسمع تلبيته بالحج دون العمرة قوم، فقالوا: أفرد، وسمع تلبيته بالعمرة دون الحج قوم، ثم رأوه يعمل عمل الحاج وكان ذلك عندهم بعد خروجه من العمرة، فقالوا: تمتع .

[ ص: 122 ] 9513 - ثم نسي ما قال هاهنا، فقال بعد ذلك بورقتين: يجوز أن يكون إحرامه أولا كان بحجه حتى دخل مكة، ففسخ ذلك بعمرة، ثم أقام عليها على أنها عمرة، وقد خرج على أن يحرم بعدها بحجة فكان في ذلك متمتعا، ثم لم يطف للعمرة حتى أحرم بالحجة، فصار بذلك قارنا.

9514 - وقد روينا في حديث ابن عباس هذا أنه أوجبه في مجلسه، فأهل بالحج.

9515 - وصاحب هذا الكلام غفل عن الرواية التي فيها هذه اللفظة.

9516 - وغفل عن الحديث الثابت، عن أبي العالية البراء، أنه سمع ابن عباس ، يقول: "أهل النبي صلى الله عليه وسلم بالحج".

9517 - واعتمد على رواية مسلم القري، أنه سمع ابن عباس يقول: "أهل النبي صلى الله عليه وسلم بعمرة، وأهل أصحابه بحج".

9518 - ورواية مسلم مختلف فيها على شعبة .

[ ص: 123 ] 9519 - ثم إنه ذكر حديث طاوس، عن ابن عباس قال: فقدم النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه صبيحة رابعة وهم يلبون بالحج "فأمرهم أن يجعلوها عمرة"، فترك قولهم الأول وصار إلى ما قال ثانيا، وهو أيضا فاسد.

9520 - فمعلوم بالأحاديث الثابتة أن النبي صلى الله عليه وسلم، إنما فسخ الحج على من لم يكن معه هدي، وكان معه هدي، فلم يفسخ على نفسه حجه.

التالي السابق


الخدمات العلمية