الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
9329 - وروي عن حميد بن هلال، عن مطرف، عن عمران بن حصين: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم "جمع بين حج وعمرة، ثم لم ينه عنه حتى مات.

9330 - وفي رواية أخرى قرن بين الحج والعمرة".

9331 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال: أخبرنا الربيع قال: قال الشافعي رحمه الله: وليس مما وصفت من الأحاديث المختلفة شيء أحرى أن لا يكون متفقا من وجه، أو مختلفا لا ينسب صاحبه إلى الغلط باختلاف فعله من حديث أنس.

9332 - ومن قال: قرن النبي صلى الله عليه وسلم، ثم حديث من قال: كان ابتداء إحرامه حجا لا عمرة معه؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يحج من المدينة إلا حجة واحدة، ولم يختلف في شيء من السنن، والاختلاف فيه أيسر من هذا من جهة أنه مباح، وإن كان الغلط فيه قبيحا فيما حمل من الاختلاف.

9333 - ومن فعل شيئا مما قيل إن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعله كان له واسعا: لأن الكتاب، ثم السنة مما لا أعلم فيه خلافا يدل على أن التمتع بالعمرة إلى الحج، وإفراد الحج، والقران واسع كله.

9334 - قال: وأشبه الرواية أن يكون محفوظا رواية جابر بن عبد الله " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج لا يسمي حجا ولا عمرة. وطاوس: أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج محرما ينتظر القضاء؛ لأن رواية يحيى بن سعيد، عن القاسم، وعمرة، عن عائشة توافق روايته، وهؤلاء نقصوا الحديث.

9335 - ومن قال: إفراد الحج يشبه والله أعلم أن يكون قاله على ما يعرف من أهل العلم الذين أدرك دون رسول الله صلى الله عليه وسلم. أن أحدا لا [ ص: 74 ] يكون مقيما على حج، إلا وقد ابتدأ إحرامه بحج، وأحسب عروة حين حدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحرم بحج، إنما ذهب إلى أن سمع عائشة، تقول: "ففعل النبي صلى الله عليه وسلم في حجه"، وذكر أن عائشة أهلت بعمرة، وإنما ذهب إلى أن عائشة قالت: "ففعلت في عمرتي كذا"، إلا أنه خالف خلافا بينا جابرا وأصحابه في قوله عن عائشة: "ومنا من جمع الحج والعمرة".

9336 - فإن قال قائل: قد قرن الصبي بن معبد، فقال له عمر: هديت لسنة نبيك صلى الله عليه وسلم.

9337 - قيل: حكي أن رجلين قالا له: هذا أصل من حمل أهله، فقال: هديت لسنة نبيك، إن من سنة نبيك صلى الله عليه وسلم أن القران والإفراد والعمرة هدى لا ضلال.

9338 - قال أحمد: والرجلان سلمان بن ربيعة، وزيد بن صوحان.

9339 - قال الشافعي: فإن قال قائل: فما دل على هذا؟ قيل: أمر عمر بأن يفصل بين الحج والعمرة، وهو لا يأمر إلا بما يسع، ويجوز في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ما يخالف سنته، وإفراده الحج.

9340 - فإن قيل: فما قول حفصة للنبي صلى الله عليه وسلم: ما شأن الناس، حلوا ولم تحلل من عمرتك؟ قيل أكثر الناس مع النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن معه هدي، وكانت حفصة معهم، فأمروا أن يجعلوا إحرامهم عمرة ويحلوا، فقالت: لم يحلل الناس، ولم تحلل من عمرتك، يعني إحرامك الذي ابتدأته وهم بنية واحدة، والله أعلم؟ فقال: لبدت رأسي، وقلدت هديي، فلا أحل حتى أنحر بدني "يعني والله أعلم، حتى يحل الحاج؛ لأن القضاء نزل عليه أن يجعل من [ ص: 75 ] كان معه هدي إحرامه حجا". وهذا من سعة لسان العرب الذي يكاد يعرف بالجواب فيه.

9341 - فإن قال قائل: فمن أين يثبت حديث عائشة، وجابر، وابن عمر وطاوس، دون حديث من قال: قرن؟ قيل: بتقدم صحبة جابر، وحسن سياقه لابتداء الحديث وآخره، وقرب عائشة من النبي صلى الله عليه وسلم، وفضل حفظها عنه، وقرب ابن عمر ولأن من وصف انتظار النبي صلى الله عليه وسلم القضاء، إذا لم يحج من المدينة بعد نزول فرض الحج قبل حجته حجة الإسلام، طلب الاختيار فيما وسع في الحج والعمرة يشبه أن يكون حفظ عنه؛ لأنه قد أتى في المتلاعنين، فانتظر القضاء، وكذلك حفظ عنه في غيرهما.

9342 - قال أحمد: قد رجح الشافعي رحمه الله أخبار الإفراد على أخبار القران بما يكون ترجيحا عند أهل العلم بالحديث، وقد أنكر ابن عمر على أنس بن مالك روايته تلبية النبي صلى الله عليه وسلم بالحج والعمرة جميعا. ورواه أبو قلابة، عن أنس بن مالك قال: سمعتهم يصرخون بهما جميعا.

9343 - قال سليمان بن حرب: الصحيح رواية أبي قلابة. وقد جمع بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بين الحج والعمرة، وإنما سمع أنس بن مالك أولئك دون النبي صلى الله عليه وسلم هذا أو نحوه ، [ ص: 76 ] أخبرناه أبو الحسين بن الفضل قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا يعقوب بن سفيان قال: سليمان بن حرب فذكره.

التالي السابق


الخدمات العلمية