الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
9532 - قال الشافعي في القديم: وأخبرنا سفيان بن عيينة، عن ابن أبي نجيح، عن نافع: أن عبد الله بن عمر " سمع بعض أهله يسمي حجا أو عمرة، فضرب في صدره، ثم قال: أتعلم الله بما في نفسك؟ ".

9533 - وقد رويناه في كتاب السنن من حديث ابن جريج ، عن ابن أبي نجيح.

9534 - قال الشافعي: ولو سمى المحرم ذلك لم أكرهه إلا أنه لو كان سنة سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن بعده.

9535 - قال أحمد: قد روينا عن أبي نضرة، عن جابر، وأبي سعيد قالا: قدمنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ونحن نصرخ بالحج صراخا ".

9536 - وفي رواية مجاهد ، عن جابر، ونحن، نقول: "لبيك بالحج، فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجعلناها عمرة".

9537 - ويحتمل أنهم كانوا يصرخون بأنهم هو ذا يحجون لا عند التلبية، ويقولون: لبيك وينوون الحج، فكانت تلبيتهم بالحج على هذا المعنى.

9538 - ويحتمل أن يكون بعضهم يسميه، وبعضهم لا يسميه، والكل بحمد الله واسع.

9539 - وهذه الرواية أصح من رواية إبراهيم بن محمد، وفيها دلالة على أنهم أحرموا بالحج، ثم فسخ رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك عليهم، وأمرهم بالعمرة.

9540 - وفي رواية محمد بن علي، عن جابر، دلالة على أنه إنما أمر بالعمرة من لم يكن معه هدي.

[ ص: 126 ] 9541 - وفي حديث بلال بن الحارث أنه قال: قلت: يا رسول الله فسخ الحج لنا خاصة، أو لمن بعدنا؟ قال: بل "لكم خاصة". أخبرناه أبو علي الروذباري قال: أخبرنا أبو بكر بن داسة قال: حدثنا أبو داود قال: حدثنا النفيلي قال: حدثنا عبد العزيز بن محمد قال: أخبرني ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن الحارث بن بلال بن الحارث، عن أبيه قال: قلت يا رسول الله فذكره.

9542 - وروينا عن أبي ذر الغفاري، أنه قال: كانت رخصة لنا، ليست لأحد بعدنا يعني فسخ الحج بالعمرة.

9543 - وفي رواية أخرى، عن أبي ذر، أنه قال: لم يكن ذلك إلا للركب الذين كانوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.

9544 - وأما حديث طاوس: "خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، من المدينة لا يسمي حجا، ولا عمرة ينتظر القضاء، فنزل عليه القضاء وهو بين الصفا، والمروة، فأمر أصحابه" من كان منهم أهل بالحج، ولم يكن معه هدي أن يجعلها عمرة ".

9545 - فيحتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم، وبعض الصحابة أحرموا إحراما مطلقا [ ص: 127 ] حتى نزل القضاء، وبعضهم أحرم بالحج، ففسخ الحج بالعمرة على من أحرم بالحج، ولم يكن معه هدي، وفي ذلك جمع بين الأخبار والله أعلم.

[ ص: 128 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية