الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
88 - باب يقيم القارن، والمفرد على إحرامهما حتى يفرغا من الحج، وما يكفي القارن من الطواف

10019 - أخبرنا أبو إسحاق قال: حدثنا أبو النضر قال: أخبرنا أبو جعفر قال: حدثنا المزني قال: حدثنا الشافعي ، عن مالك، عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير، عن عائشة، أنها قالت: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حجة الوداع، فأهللنا بعمرة، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من كان معه هدي فليهلل بالحج مع العمرة، ثم لا يحل حتى يحل منهما جميعا" قالت: فقدمت مكة وأنا حائض لم أطف بالبيت، ولا بين الصفا والمروة، فشكوت ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: "انقضي رأسك وامتشطي وأهلي بالحج، ودعي العمرة" قالت: ففعلت، فلما قضيت الحج أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم مع عبد الرحمن بن أبي بكر إلى التنعيم فاعتمرت قال: "هذه مكان عمرتك" قالت: فطاف الذين أهلوا بالعمرة بالبيت، وبين الصفا والمروة، ثم حلوا، ثم طافوا طوافا آخر بعد أن رجعوا من منى لحجتهم. وأما الذين أهلوا بالحج أو جمعوا الحج والعمرة، فإنما طافوا طوافا واحدا . [ ص: 271 ] أخرجاه في الصحيح من حديث مالك.

10020 - ولفظ الذين أهلوا بالحج سقط من بعض الروايات عن مالك، فقالوا: وأما الذين كانوا جمعوا بين الحج والعمرة، وقد حفظهما جميعا الشافعي ويحيى بن عبد الله بن بكير وغيرهما عن مالك.

10021 - والمراد بهذا الطواف، السعي بين الصفا والمروة وذلك بين في رواية أبي الزبير، عن جابر بن عبد الله قال: "لم يطف النبي صلى الله عليه وسلم، ولا أصحابه بين الصفا والمروة إلا طوافا واحدا، طوافه الأول". أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال: حدثنا أبو العباس بن يعقوب قال: حدثنا يحيى بن أبي طالب قال: أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء قال: أخبرنا ابن جريج ، عن أبي الزبير، عن جابر، فذكره وهو مخرج في كتاب مسلم.

10022 - وزعم بعض من يدعي تصحيح الأخبار على مذهبه أنها أرادت بهذا الجمع جمع متعة، لا جمع قران قالت: فإنما طافوا طوافا واحدا أي في حجتهم؛ لأن حجتهم كانت مكية، والحجة المكية لا يطاف لها قبل عرفة. وكيف استخار لدينه أن يقول مثل هذا، وفي حديثها أنها أفردت من جمع بينهما جمع متعة أولا بالذكر، فذكرت كيف طافوا في عمرتهم، ثم كيف طافوا في حجتهم، ثم لم يبق إلا المفردون والقارنون، فجمعت بينهم في الذكر، وأخبرت أنهم إنما طافوا طوافا واحدا، وإنما أرادت بين الصفا والمروة بما ذكرنا من الدلالة مع [ ص: 272 ] كونه معقولا. ولو اقتصرت على اللفظة الأخيرة لم يجز حملها أيضا على ما ذكر لأنها تقتضي اقتصارا على طواف واحد لكل ما حصل به الجمع، والجمع إنما حصل بالعمرة والحج جميعا، فيقتضي اقتصارا على طواف واحد لهما جميعا، لا أحدهما، والمتمتع لا يقتصر على طواف واحد بالإجماع، دل أنها أرادت بهذا الجمع جمع قران، وهذا أبين في هذا الخبر من أن يمكن تلبيسه بمثل هذا الكلام والله المستعان.

التالي السابق


الخدمات العلمية