الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                                      التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

                                                                                                                                                                                                                                      المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ومنعت الحروف المستعلية من الإمالة فيها; لنقص مرتبتها عن مرتبة ألف التأنيث; إذ هي مشبهة بها، لا تقوى قوتها، فمنعت هذه الحروف من إمالتها، كما تمنع في نحو: (ظالم)، و (طالب).

                                                                                                                                                                                                                                      ولم تمل إذا كانت قبلها ألف; لأن الألف لو أميلت; لتبعها ما قبلها، ولا تبلغ من قوة هاء التأنيث أن يمال من أجلها شيئان، مع أن أكثر ما تكون الألف التي قبلها من الواو، [والإمالة في ذوات الواو] قليلة.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 268 ] ومنعت الحاء والعين; لقربهما من الحروف الموانع.

                                                                                                                                                                                                                                      وضارعت الحروف الأربعة التي يجمعها قولك: (أكره) الموانع، ولم تقو قوتها، فجعل لها حكم متوسط، فقوي عملها مع الكسرة والياء، ولم يقو مع الفتحة والضمة، وقرب الحروف الأربعة من الموانع: أن الهمزة والهاء تشبهان الألف والحاء والعين; لكونهما من حروف الحلق، والكاف تشبه القاف، والراء تشبه الحروف المستعلية بالتكرير الذي فيها، وقد تقدم ذكر ذلك.

                                                                                                                                                                                                                                      فهذا اختصار علل هاء التأنيث.

                                                                                                                                                                                                                                      فأما تفخيم ورش اللام التي قبلها الصاد والطاء [والظاء]; فوجهه: أن الصاد والطاء حرفان مطبقان، فالتفخيم أشبه بلفظهما، ففخم; ليكون اللسان عاملا عملا واحدا، ووجب ذلك في اللام دون غيرها; لشببها بالراء، والراء مشبهة بالحروف المستعلية، فأصل الراء التفخيم حتى يدخل عليها ما يوجب الترقيق، وأصل اللام الترقيق; إذ هي مشبهة بمشبه، حتى يدخل عليها ما يوجب التفخيم، فلما جاورها هذان الحرفان; استمالاها إلى لفظهما; وهو التفخيم، وقد بسطت هذا في “الكبير”.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 269 ] وأما الراء; فقد قدمنا أن أصلها التفخيم، فرققت في بعض الأحوال; من أجل الكسرة أو الياء; لكون التفخيم مع الكسر متنافيا متباعدا في اللفظ، وخصت الساكنة بمراعاة الكسرة قبلها في مذاهب القراء سوى ورش; لأنها لا حركة لها تقوى بها، ونظير ذلك همز من همز الواو الساكنة إذا انضم ما قبلها في نحو: (السؤق); لكون الضمة التي قبلها كأنها فيها; إذ حركة الحرف الذي قبلها قد قربت منها; لتقديرها بعد الحرف المتحرك بها، فكذلك كسرة الفاء من فرعون [البقرة: 49] كأنها في الراء.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية