الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                                      التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

                                                                                                                                                                                                                                      المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      والهمز وتركه في أرجه [الأعراف: 111] لغتان، وقراءة ابن ذكوان {أرجئه}; بالهمز والكسر بعيدة، ولعله لم يعتد بالساكن الذي بين الكسرة والهاء.

                                                                                                                                                                                                                                      وقراءة حفص: ويتقه [النور: 52] وجهها: أنه أقام (تقه) من ويتقه مقام (كتف)، و (فخذ); فأسكن القاف على لغة من يقول: (كتف)، و (فخذ)، ثم كسرت الهاء; لالتقاء الساكنين.

                                                                                                                                                                                                                                      فأما ضم الهاء من عليهم ، وبابه; فمن عم بالضم جميع الأصول; فهو [ ص: 321 ] الأصل، والدليل على ذلك: أن جميع ما يكسر يجوز ضمه، ولا يجوز كسر الجميع، وإنما تكسر الهاء إذا كانت قبلها ياء ساكنة، أو كسرة; لشبهها بالياء والألف في الضعف والخفاء، فإذا ضمت وقبلها كسرة; فكأن الضمة وليت الكسرة; لضعف حجز الهاء، فكسروها; ليخف النطق بها، ويتشاكل، ويدل على أن أصلها الضم: أنك تقول إذا انفرد الضمير: (هم)، وقد بسطت هذا في “الكبير”.

                                                                                                                                                                                                                                      فأما اختصاص حمزة المواضع الثلاثة التي هي {عليهم} [الفاتحة: 7]، و {إليهم} [آل عمران: 77]، و {لديهم} [آل عمران: 44]; فوجهه: أن أصل الياء في هذه الثلاث ألف، وكذلك هي مع الظاهر; نحو: (إلى زيد)، و (على عمرو)، و لدا الباب [يوسف: 25]، وأصل الميم أيضا الضم، فحملها على أصلها; لأنه لو ضمها; ضم الهاء، فلما اجتمع في هذه الثلاثة هاتان العلتان; ضم الهاء فيهن، ولم يضم إذا انفردت علة واحدة; نحو: فيهم [البقرة: 129]، و عليهما [البقرة: 229]، و عليهن [البقرة: 228]، على ما بينته في “الكبير”.

                                                                                                                                                                                                                                      وضمه وضم الكسائي معه الهاء والميم عند لقاء الساكن; لأن الميم لما احتيج إلى تحريكها; لالتقاء الساكنين; ردت إلى أصلها; وهو الضم، فتبعتها الهاء في الرد إلى الأصل; ليتبع الضم الضم، ولم يكره الخروج من الكسرة التي قبل الهاء إلى [ ص: 322 ] الضم; لما كان ذلك هو الأصل، على ما قدمناه من قبل.

                                                                                                                                                                                                                                      وكسر أبي عمرو الهاء والميم من {عليهم الذلة} [البقرة: 61]، و {عن قبلتهم التي} [البقرة: 142]، وأشباهه: وجهه: أنه حرك الميم بالكسر; لالتقاء الساكنين، وأبقى الهاء مكسورة على مذهبه; بسبب الياء التي قبلها، والكسرة، ويجوز أن يكون الأصل عنده: (عليهمي); كما قرأ غيره، فحذف الياء; لالتقاء الساكنين، وأبقى الكسرة.

                                                                                                                                                                                                                                      وأما ميم الجمع; فمن وصلها بواو; فهو أصلها; بدليل أن علم المؤنث حرفان; وهما النون الشديدة; فكذلك ينبغي أن يكون للمذكر حرفان; الميم والواو، وكذلك الواو في الجمع بمنزلة الألف في التثنية، والدليل على أن الواو الأصل: إجماعهم على الإثبات في نحو: أنلزمكموها [هود: 28]، إلا ما حكي فيه من الشذوذ.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن أسكن الميم; فإنه حذف الواو تخفيفا حين لم يخف لبسا; إذ ليس في الكلام (عليهم) إلا للجمع، ولم يبق من حذف الواو الضمة; كما أبقيت بعد حذف الصلة في هاء الإضمار; لأن هاء الإضمار قد يسكن ما قبلها، فلو لم تبق [ ص: 323 ] الحركة بعد حذف الصلة; لالتقى ساكنان، وهذه الميم لا يكون ما قبلها إلا متحركا، فلو أبقيت الضمة في الميم; لأدى ذلك إلى اجتماع خمس متحركات متواليات، وليس في الكلام اسم على أربعة أحرف متحركة ليس معها ساكن، إلا أن يكون مما حذف منه; نحو: (علبط).

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية