الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 5953 ) فصل : فإن قال : إن أكلت ولبست فأنت طالق . لم تطلق إلا بوجودهما جميعا سواء تقدم الأكل أو تأخر ; لأن الواو للعطف ولا تقتضي ترتيبا . وإن قال : إن أكلت أو لبست فأنت طالق . طلقت بوجود أحدهما ; لأن أو لأحد الشيئين . وكذلك إن قال : إن أكلت ، أو إن لبست ، أو لا أكلت ولا لبست . وإن قال : أنت طالق لا أكلت ولبست . لم تطلق إلا بفعلهما ، إلا على الرواية التي تقول : يحنث بفعل بعض المحلوف عليه . فإنه يحنث بأحدهما هاهنا .

                                                                                                                                            وإن قال : أنت طالق إن أكلت فلبست ، أو إن أكلت ثم لبست . لم تطلق حتى تأكل ثم تلبس ، لأن الفاء وثم للترتيب . وإن قال : أنت طالق إن أكلت إذا لبست . أو : إن أكلت متى لبست . أو : إن أكلت إن لبست . لم تطلق حتى تلبس ثم تأكل ; لأن اللفظ اقتضى تعليق الطلاق بالأكل بعد اللبس ، ويسميه النحويون اعتراض الشرط على الشرط ، فيقتضي تقديم المتأخر وتأخير المتقدم ; لأنه جعل الثاني في اللفظ شرطا للذي قبله ، والشرط يتقدم المشروط ، قال الله تعالى : { ولا ينفعكم نصحي إن أردت أن أنصح لكم إن كان الله يريد أن يغويكم } . فلو قال لامرأته : إن أعطيتك ، إن وعدتك ، إن سألتني ، فأنت طالق . لم تطلق حتى تسأله ، ثم يعدها ثم يعطيها ; لأنه شرط في العطية الوعد ، وفي الوعد السؤال ، فكأنه قال : إن سألتني ، فوعدتك ، فأعطيتك ، فأنت طالق . وبهذا قال أبو حنيفة ، والشافعي .

                                                                                                                                            وقال القاضي إذا كان الشرط بإذا كقولنا ، وفيما إذا كان بإن مثل قوله : إن شربت إن أكلت . أنها تطلق بوجودهما كيفما وجدا ; لأن أهل العرف لا يعرفون ما يقوله أهل العربية في هذا ، فتعلقت اليمين بما يعرفه أهل العرف ، بخلاف ما إذا كان الشرط بإذا . والصحيح الأول ، وليس لأهل العرف في هذا عرف ; فإن هذا الكلام غير متداول بينهم ، ولا ينطقون به إلا نادرا ، فيجب الرجوع فيه إلى مقتضاه عند أهل الشأن ، كسائر مسائل هذا الفصل .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية